للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٢ - (١٥١) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ

ــ

ذلك ثمانين سنة "، إلا أن مالكاً ومن تبعه أوقفوه على أبى هريرة. وكذا ذكره فى الموطأ من رواية القعنبى وبعض رواة الموطأ، ولم يكن الحديث عند غير واحد منهم رواة الموطأ.

وذكر غيره عكس هذا أنه اختتن وهو ابن ثمانين سنة، كما قال مسلم. وعاش مائة وعشرين سنة.

وقوله - عليه السلام -: " نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} " الآية، قال الإمام: من الناس من ذهب إلى أن إبراهيم - عليه السلام - إنما أراد بهذا اختبار منزلته واستعلام قبول دعوته، فنسأل البارى - جلت قدرته - فى أن يخرق له العادة ويحيى الموتى؛ ليعلم بذلك قدر منزلته عند الله - سبحانه - ويحمل هؤلاء قوله: {أَوَلَمْ تُؤْمِن} (١) على أن المراد به: بقربك منى ولفضلك لدى، فيكون التقدير - لو ثبت حمل الآية على هذا المعنى -: نحن أولى أن يختبر حالنا عند الله من إبراهيم على جهة الإشفاق منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتواضع لله - سبحانه.

وإن قلنا بما يقتضيه أصل المحققين، وأن المراد أن ينتقل من اعتقاد إلى اعتقاد آخر هو أبعد من طريان الشك ونزغات الشيطان؛ لأنا نساوى بين العلوم الضرورية والعلوم النظرية، ونمنع التفاضل بينهما فى نفس التعلق، وإنما يصرف التفاضل إلى أن الشك [لا أن] (٢) يطرأ على الضرورى، فى العادة، والنظرى قد يطرأ عليه، فيكون إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل زيادة فى الطمأنينة وسكون النفس، حتى ينتفى الشكوك أصلاً. أو يكون المراد من نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما نحن أحق بالسؤال فى هذا منه على جهة الإشفاق، وأيضاً أو يكون المراد بذلك أمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليحضهم على الابتهال إلى الله - عز وجل - بالتعوذ من نزغات الشيطان فى عقائد الدين.

قال القاضى: فى هذا الحديث تأويلات، منها الوجهان اللذان ذكر.

وثالث: أنه إنما سأل مشاهدة الإحياء واطمئنان القلب بمشاهدة ذلك، وترك منازعته هذه الأمنية، فيحصل له العلم أولاً بالجواز والوقوع، والثانى بالمشاهدة والكيفية.

ووجه رابع: أنه لما احتج على المشركين بأن ربه يحيى ويميت طلب ذلك من ربه ليصحح احتجاجه عياناً.

ووجه خامس: أنه سؤال على طريق الأدب، والمراد: أقدرنى على إحياء الموتى


(١) البقرة: ٢٦٠.
(٢) فى الأصل: أبى، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>