للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " نَحْنُ أَحَقُ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (١) وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لأَجَبْتُ الدَّاعِىَ ".

(...) وحدّثناه - إن شَاءَ اللهُ - عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ

ــ

ليطمئن [قلبى] (٢) بهذه الأمنية.

ووجه سادس: وهو أنه أرى من نفسه الشك وما شك، لكن ليجاوب فيزداد قربة. وهذا هو تكلف فى اللفظ والمعنى.

وقيل فى قوله: " نحن أحق بالشك من إبراهيم ": هذا نفى لشك إبراهيم لا إثبات له، وإبعادًا للخواطر الضعيفة أن تظن أن بإبراهيم الشك، فكأنه قال: نحن موقنون بالبعث وإحياء الموتى، فلو نشك لكنا أولى منه على طريق الأدب وإكثار حال إبراهيم لا على تجويزه على واحد منهما. قيل: إنما جاوب بذلك من سمعه بترك شك إبراهيم ولم يشك نبينا.

وقوله: " لو لبثت فى السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعى ": المراد به قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّك} الآية (٣). هذا منه [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً غاية فى الأدب والتواضع وإظهار منزلة يوسف] (٤) - عليه السلام - فى التثبت والصبر وألاّ يخرج إلى الملك حتى يظهر براءته ولا تناله عنده حجلة التهمة، ودعوى المرأة ما ادعته عليه من مراودته لها عن نفسها، وأنه - عليه السلام - لو امتحن هو بهذا أو مثله من طول السجن، لكان التخليص إليه منه لأول داع أحب إليه للنجاة من عذابه وبقائه، ولأخذ بالحزم فى الأمر؛ مخافة حوادث تطوى وإشغال للملك بضرورة، فينساه كما نسيه ويشتغل عنه، فيبقى فى سجنه كما كان حاله معه. قيل: ولا يظن أن مراده بإجابة الداعى هنا دعوة المرأة، وهذا مما لا يجوز على يوسف ولا محمد - عليهما السلام.

وقوله: " يغفر الله للوط، إنه أوى إلى ركن شديد ": يعنى الله تعالى، كأنه -


(١) البقرة: ٢٦٠.
(٢) ساقطة من الأصل، والمثبت من الحديث المطبوع رقم (١٥٢).
(٣) يوسف: ٥٠.
(٤) سقط من الأصل، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>