للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِىِّ.

١٥٣ - (...) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النِّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَغْفِرُ اللهُ لِلُوطٍ إِنَّهُ أَوَى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ".

١٥٤ - (٢٣٧١) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِىُّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَطُّ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ فِى ذَاتِ اللهِ. قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} (١). وَقَولُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} (٢) وَوَاحِدَةً فِى شَأنِ سَاَرَةَ؛ فَإِنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ، وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبارَ،

ــ

عليه السلام - أخذ عليه فى قوله: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيد} (٣) يريدك لو كان مع عشيرته ليمنعوه من قومه ويحموا أضيافه، فيرحم - عليه السلام - لقوله - عليه السلام - وسهوه عن الاعتصام بالله تعالى عن ضيق صدره بما لقى من قومه حتى قال هذا، وإنه بالحقيقة كان يأوى إلى ركن شديد وهو الله تعالى، أشد الأركان وأقواها. والركن يوضع لما استند إليه ويشد به لأن أركان البناء أقوى ما فيه، وعليها اعتماد، وبها انتظامه. والركن الناحية من الجبل يلجأ إليها. وقد تقدم من هذا أول الكتاب.

وقوله: " لم يكذب قط إبراهيم إلا ثلاث كذبات: ثنتين فى ذات الله، قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وواحدة فى شأن سارة، قوله: إن سألك فأخبريه أنك أختى [فإنك أختى] (٤) فى الإسلام "، قال الإمام: أما الأنبياء معصومون من الكذب فيما طريقه البلاغ عن الله - سبحانه وتعالى - قل ذلك أو جل؛ لأن المعجزة تدل على صدقهم فى ذلك. وأما ما لا يتعلق بالبلاغ ويعد من الصغائر كالكذبة الواحدة فى شىء من أمور الدنيا فيجزى ذلك على الخلاف فى عصمتهم من الصغائر، وقد تقدم الكلام عليه.

وقد وصف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن اثنتين من كذبات إبراهيم - عليه السلام - كانتا فى ذات الله سبحانه، والكذب إنما يترك لله، فإذا كان إنما يفعل لله انقلب حكمه فى بعض المواضع على حسب ما ورد فى الشريعة، فالقصد بهذا التقييد منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفى مذمة الكذب عنه لجلال قدره فى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.


(١) الصافات: ٨٩.
(٢) الأنبياء: ٦٣.
(٣) هود: ٨٠.
(٤) سقط من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>