للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ عيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِى فَقُلْ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ؟ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرِةٍ، فَإِنَكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً. قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ. قَالَ: فَالآنَ مِنْ قَرِيبٍ، رَبِّ أَمِتْنِى مِنْ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، رَمْيَةً

ــ

الندم عليه، ولا عتب الله ولا أخبرنا بالعتب من غيره عليه، بل نص اعتذار هارون لموسى - عليهما السلام - لا غير، وموسى فى كل ذلك فاعل فى ذات الله - تعالى - ما رآه، من جر هذا إليه ودفع ذاك عنه.

وأما فقؤه عينه، فلم يتعمد ذلك ولا فى الحديث ما دل عليه، ولكن لما لطمه حدث بقدرة الله ومشيئته عند تلك اللطمة فقء عينه، فهو الفعال لما يريد. والوجه الذى ذكر الشيخ الإمام - رحمه الله -: أنه ظهر له وحسنه وهو حسن، وهو تأويل الإمام أبى بكر ابن خزيمة وغيره من المتقدمين، وبنصه احتجاجه، وأرى الشيخ لم يكن رآه لغيره - والله أعلم.

قوله: " فرد الله عينه ": ظاهره: أن الحديث من لطمه وفقء عينه على وجهه قد يكون على ذلك التاويل الآخر؛ رد العين: إلهامه الحجة التى جاء بها بعده - والله أعلم. وقول موسى - عليه السلام - لما خيره الله فى الحياة وتطويلها فقال: " ثم مه؟ قال: ثم تموت. قال: فالآن من قريب، رب أمتنى من الأرض المقدسة رمية بحجر ": قال أبو القاسم بن أبى صفرة: إنما سأل ذلك] (١) لتقرب عليه المشى إلى المحشر فتسقط عنه المشقة على من بعد عنه، وقيل: لينال فضل مجاورة من دفن فيه من الأنبياء والصالحين وفضل [البقعة] (٢)، وهذا أظهر، وقيل [فى قوله] (٣): قدر رمية بحجر: لئلا يكون فيها فيشتهر، بل لئلا يعرف قبره فيعبده جهال ملته.

وفيه الترغيب فى الدفن فى المواضع المباركة، والمواطن الفاضلة، والمشاهد الشريفة، والدفن فى مدافن الصالحين.

وقوله: " فما توارت يدك من شعرة " معناه: فما وارت أى سترت.

وقوله فى الذى لطم وجه اليهودى إذ قال: والذى اصطفى موسى على البشر، وقال له: تقول هذا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أظهرنا؟! الحديث (٤). وقوله: فغضب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لذلك ثم قال: " لا تفضلوا بين الأنبياء " وفى الرواية الأخرى: " لا تفضلونى على موسى قال الإمام: أما قوله: " لا تفضلوا بين الأنبياء " فيحتمل أن يكون ذلك قبل أن يوحى


(١) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
(٢) ساقطة من ز.
(٣) سقط من ز.
(٤) حديث رقم (١٥٩) بالباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>