للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثنى عَبْدُ اللهِ بْنُ الرُّومِىِّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، وَهوَ ابْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ لىِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَزَالُونَ يَسْألُوَنَكَ، يا أَبَا هُرَيْرَةَ، حَتَّى يَقُولُوا: هذَا اللهُ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ " قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا فِى الْمَسْجدِ إذْ جَاءَنِى نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هذَا اللهُ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ قَالَ: فَأخَذَ حَصى بِكَفِّهِ فَرَمَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا، قُومُوا، صَدَقَ خَلَيلِى.

٢١٦ - (...) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأصَمِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيَسْألَنَّكُمُ النَّاسُ عَنْ كُلِّ شَىْءٍ، حَتَّى يَقُولُوا: اللهُ خَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ، فَمَنْ خَلَقَهُ؟ ".

ــ

قال القاضى: الترجمة التى ذكر - رحمه الله - لم تقع فى كتبنا بذلك النصِّ، لكنَّ نصها فى الأم من قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رواية ابن مسعود: سئل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوسوسة، فقال: " تلك محض الإيمان "، وما ذكره [وفقه الله] (١) من التأويل فى قوله: " ذلك صريح الإيمان " بيِّن مع المقدمة التى فى ذلك الحديث الآخر الذى ذكرناه ولم يذكره (٢)، إذ ليس فيه ذكر إنكار ولا استعظام، إلا أن نردَّه إلى الحديث الأول، ونجعله قاضيًا عليه، وهذا مختصر منه، أو يطلب له تأويلاً آخر يجمع الأحاديث كلها، وهو ما أشار إليه بعضهم مما بسطه أن وسوسة الشيطان وتحدثه فى نفس المؤمن إنما هو لإياسه من قبوله إغواءَه، وتزيينه الكفرَ له وعصمة المؤمن منه، فرجع إلى نوعٍ من الكيد والمخاتلة بالإيذاء بحديث النفس بما يكره المؤمن من خفى الوساوس (٣)، إذ لا يَطمَعُ من موافقته له على كفره هذا، ولا يكون منه إلا مع مؤمن صريح الإيمان ثابت اليقين [على] (٤) محض الإخلاص بخلاف غيره من كافرٍ وشاكٍّ، وضعيف الإيمان، فإنه يأتيه من حيث شاء ويتلاعب به كما أراد، والمؤمن معصومٌ منه، مُنافرٌ له، فلما (٥) لم يمكنه منه مراده رجع (٦) إلى شغل سره بتحديث [نفسه] (٧) ودسِّ (٨) كُفرهِ بحيث يسمعُه المؤمن فيشوش [عليه] (٩) بذلك فكْرَه، ويُكدِّر نفسه ويؤذيه باستماعه له، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الحمد لله الذى ردَّ كيدَه إلى الوسوسة " (١٠)، إذ حقيقة هذه اللفظة الصَّوت


(١) من ت.
(٢) أى: التعاظم.
(٣) فى ت: الوسواس.
(٤) من ت.
(٥) فى ت: فلا.
(٦) فى ت: فرجع.
(٧) ساقطة من الأصل.
(٨) فى ت: ودرس.
(٩) ساقطة من ق.
(١٠) الحديث أخرجه أحمد والطبرانى والطحاوى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - ولفظه عند أحمد أنهم قالوا: يا رسول الله، إنا نحدّث أنفسنا بالشىء لأن يكون أحدنا حممة أحبُّ إليه من أن يتكلم به، قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>