للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". قَالَ: فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ: ادْخُلْ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِى الْقُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِى الْبِئْرِ، كَمَا صَنَعَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِى يَتَوَضَّأَ وَيَلْحَقُنِى. فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ الله بِفُلانٍ - يُرِيدُ أَخَاهُ - خَيْرًا يَأتِ بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ. ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ يَسْتَأذِنُ. فَقَالَ: " ائذَنْ لَهُ، وَبَشَّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَجِئْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ: أَذِنَ وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ، ودَلَّى رِجْلَيْهِ فِى الْبِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ الله بِفُلاَن خَيْرًا - يَعْنِى أَخَاهُ - يَأتِ بِهِ. فَجَاءَ إِنْسَانٌ فَحَرَّكَ الْبَابَ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فَقُلْتُ: عَلَى رَسْلِكَ. قَالَ: وَجِئْتُ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ: " ائذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، مَعَ بَلْوَى تُصِيبُهُ ". قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ، ويُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ، مَعَ بَلْوَى تُصِيبُكَ. قَالَ: فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَسَ وِجَاهَهُمْ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ.

ــ

بالفتح، أى على رفقك ولينك، وأصله من السير اللين، وبالكسر: على تؤدتك وترك العجلة، وهما متقاربان.

وقوله: " فجلس وجاهه " بكسر الواو، ويقال بضمها، أى قبالة وجهه.

وقوله فى عثمان: " بشره بالجنة على بلوى تصيبه " وقوله هو: " اللهم صبرًا، والله المستعان ": إعلام من النبى - عليه الصلاة والسلام - بأن أبا بكر وعمر وعثمان من أهل الجنة، والقطع لهم بمثل ما أعلمنا بمعنى ذلك، وإعلامه بما يصيب عثمان من البلاء من الناس وهو خلعه وقتله.

وقول عثمان: " اللهم صبرًا، والله المستعان ": تسليم لمراد الله، ولعل هذا هو الذى منع عثمان من القتال والمدافعة عن نفسه؛ إذ قد أعلمه النبى - عليه الصلاة والسلام - بحلول ذلك، وأنه قد سبق القدر له بذلك.

وفيه من علامات نبوة نبينا - عليه السلام - وفضائل هؤلاء الخلفاء البيان التام.

<<  <  ج: ص:  >  >>