للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢٣ - (١٣٩) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِىَّ، وَأَبُو عَاصِمٍ الْحَنَفِىُّ - وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ - قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ الْحَضْرَمِىُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِى عَلَى أَرْض لِى كَانَتْ لأَبِى. فَقَالَ الْكِنْدىُّ: هى أَرْضى فِى يَدِى أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للَحضْرَمى: " أَلَكَ بَيِّنةٌ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَلَكَ يَمِينُهُ ". قَالَ: يَا رَسُولُ اللهِ، إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لَا يُبَالِى عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مَنْ شَىْء. فَقَالَ: " لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ "، فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَدْبَرَ: " أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأكُلَهُ ظُلْماً، لَيَلْقَيَنَ اللهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ ".

ــ

التغيير واختلاف الحال.

ذكر مسلم حديث الحضرمى والكندى ومنازعتهما فى الأرض بين يدى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث بطوله، قال الإمام: علق بعض أهل العلم من متأخرى الفقهاء على هذا الحديث ما فيه من الفوائد فقال: فى هذا الحديث دلالة على أن صاحب اليد أولى بالشىء المُدَّعى فيه ممن لا يَد له عليه (١)، وفيه أن الدعوى فى المعين لا تفتقر إلى خُلطة (٢)، وفيه التنبيه على صورة الحكم فى هذه الأشياء، وذلك أنه بدأ بالطالب فقال له: ليس لك إلا يمين الآخر، ولم يحكم بها للمدَّعَى عليه إذا حلف، بل إنما جعل اليمين لصَرْف دعوى المدَّعى لا غير، فكذلك ينبغى لمن (٣) حكم بعده إذا حلف المدَّعى عليه ألا يحكم له بملك ذلك الشىء ولا بحيازته أيضاً بل يقره على حكم يمينه.

فإن قيل: فكيف يجىء مذهبكم على هذا إذا كنتم ترون أنَّ من ادُّعى عليه بغصبٍ أو استهلاك لم يحلف المُدَّعى عليه، إلا أن يكون ممن يُتهم بالغصب والتعدى، ويليق به ما


(١) وذلك إذا تداعيا ولم يكن لهما بينة، أو كانت وتكافأت.
(٢) يعنى المخالطة. قال ابن عبد البر: " المعمول به عندنا أَنَّ من عُرف بمعاملة الناس مثل بعضهم لبعض، ومن نصَّب نفسه للشراء والبيع من غريبٍ وغيره، وعرف به، فاليمين عليه بمن ادَّعى معاملته، ومداينَتَه فيما يُمكن، وما كان بخلاف هذهِ الحالِ مثل المرأة المشهورة المحتجبة، والرجلِ المستورِ المنقبض عن مداخلة المدَّعى عليه وملابسته، فلا تجب اليمين عليه إلا بخلطة " قال: " وفى الأصول أَنَّ من جاء بما لا يشبه، ولا يمكن فى الأغلب لم تقبل دعواه ". الاستذكار ٢٢/ ٧٣.
وذلك لما أخرجه مالك فى الموطأ عن جميل بن عبد الرحمن المؤذِّن؛ أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو يقضى بين الناس، فإذا جاءه الرجل يَدَّعى على الرجُل حقاً نظر، فإن كانت بينهما مخالطةٌ أو ملابسةٌ أحلَف الذى ادّعى عليه، وإن لم يكن شىء من ذلك لم يُحلِّفهُ. قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا. ك الأقضية، ب القضاء فى الدعوى.
(٣) فى الإكمال: لم.

<<  <  ج: ص:  >  >>