للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْقِيثًا، وَلا تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا.

قَالَت: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمخّضُ، فَلَقِىَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِى وَنَكَحَهَا، فَنَكَحَتُ بَعْدَهُ رَجُلاً سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيا، وَأَخَذَ خَطبَّا، وَأَرَاحَ عَلَىَّ نَعَما ثَرِيا، وَأَعْطَانِى مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا. قَالَ: كُلِى أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِى أَهْلَكِ.

ــ

وقولها: " وغيظ جارتها ": تريد ضرتها، يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها وعفتها، وفى الرواية الأخرى: " وعقر جارتها " كذا ضبطناه عن جميع شيوخنا بفتح العين والقاف، وقيده الجيانى: " عُبْر " بضم العين وسكون الباء، وكذا ذكره ابن الأنبارى، وأرى الجيانى أصلحه من كتابه، وفسره ابن الأنبارى بوجهين:

أحدهما: أنه من الاعتبار أى إنما يرى من عفتها وحسنها ما تعتبر به.

والثانى: من العبرة والبكاء أى يرى من ذلك ما يبكى عينها حسداً وغيظاً لذلك، كما تقدم فى الرواية الأخرى، وعلى رواية: " عقر " فمن هذا، أى دهش جارتها، يقال: عقر إذا دهش أى أن ذلك يدهشها. أو يكون من القتل أو الجرح، ومنه: صيد عقير، أى قتيل أو مجروح. وعقر فلان إبله: قتلها، وكلب عقور: أى جارح.

وقولها فى جارية أبى زرع: " لا تبث حديثنا تبثيثاً ": رويناه هنا بالباء، قال الإمام: معناه: لا تشيعه ولا تظهره، ويروى: " لا تنبث " بالنون، ومعناه قريب من الأول، أى لا تظهر سرنا.

وقولها: " ولا تنقث ميرتنا تنقيثاً ": يعنى الطعام، لا تأخذه فتذهب به. تصفها بالأمانة. والتنقيث: الإسراع بالشىء.

قال القاضى: روايتنا فيه هنا فى الحديث الأول بضم التاء وفتح النون وكسر القاف، وفى الحديث بعده [بفتح التاء وضم القاف] (١) لكافتهم. قال ابن حبيب: ومعناه: لا تفسده وتفرقه وتسرع فيه، وليس من الإسراع فى السير. والميرة: ما يمتاره البدوى من الحضر من طعام، ولبعض شيوخنا فى هذا الحديث عندنا ضبط غير ما تقدم، وكله تصحيف ووهم.

وقولها: " ولا تملأ بيتنا تعشيشاً "، قال الإمام: قال الخطابى: لم يفسره أبو عبيد. والتعشش - بالعين المهملة - مأخوذ من قولهم: عشش الخبز: إذا فسد، يريد


(١) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>