وروى ابن الماجشون عن مالك أنه يحلف قائماً مستقبل القبلة. قال: ولا يعرف مالكٌ اليمين عند المنبرِ إلا منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقط، يحلف عنده فى ربع دينارٍ، فأكثر. قال مالك: ومن أبى أن يحلف على المنبر فهو كالناكل عن اليمين، ومذهب الشافعى فى اليمين بين الركن والمقام بمكة، وعند منبر النبى - عليه السلام - بالمدينة نحو مذهب مالك، إلا أن الشافعى لا يرى اليمين عند المنبر بالمدينة، ولا بين الركن والمقام بمكة إلا فى عشرين ديناراً فصاعداً. قال الشافعى: واليمين على المنبر ما لا خلاف فيه عندنا بالمدينة ومكة فى قديم ولا حديث. قلتُ: وفى المذهب اليمين عند المنبر فى كل البلدان، قياساً على العمل من الخلفِ والسلفِ بالمدينة عند منبر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان مروان يسميه مقاطع الحقوق. الأم ٧/ ٣٦، ٣٧، معرفة السنن ١٤/ ٣٠١، الاستذكار ٢٢/ ٨٧. (١) إنما احتج الشافعى بحديث مسلم الذى أخرجه عن عمران بن حصين قال: أغار المشركون على أصحاب المدينة وأحرزوا العضباءَ، وامرأة من المسلمين، فلما كان ذات ليلة قامت المرأة وقد ناموا، فجعلت ما تضعُ يدَها على بعيرٍ إلا رغا، حتى تأتى العضباء، فأتَتْ على ناقة ذلولٍ، فرَكبتْها، ثم توجَّهت قبل المدينة ونذرتْ لإن الله نجاها لتنحرنَّها فلما قدمت المدينة عُرفَتِ الناقة، فأتوا بها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرتْه المرأةُ بنذرها، فقال: " بئسما جزيتيها، لا نذر فيما لا يملك ابن آدم ولا فى معصية ". قال الشافعى: فهذا دليلٌ على أن أهل الحرب لا يملكون عليها بالغلبة ولا بعدها ولو ملكوا عليها لملكت المرأة الناقة، كسائرِ أموالِهْم لو أَخَذَتْ شيئاً منها، ولو صَحَّ فيها نذرُها. قَال الإمام الشافعى: وقد فضَّل الله المسلمين بألا يُمْلَكَ شىءٌ من أموالهم إلا عن طيب أنفسهم، ولا يَرثُها عنهُم إلا أهل دينهم. الأم ٤/ ٢٥٤، وانظر: الاستذكار ١٤/ ١٢٧، معرفة السنن والآثار ١٣/ ٢٨٧. (٢) قال الحافظ ابن عبد البر: " وليس فى شىء من الآثار المسندة ما يدل على اعتبار الخلطة ". الاستذكار ٢٢/ ٧٦. (٣) القول بالتعجيز حكاه اللخمى عن مطرف، وبعدمه عن ابن الماجشون، قال: وعلى التعجيز لو أتى =