للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى ".

قَالَ حَسَّانُ:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْه ... وَعِنْدَ اللهِ فِى ذَاكَ الْجَزَاءُ

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا تَقِيًّا ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ

ــ

يريد: لسانه. وشبهه بانتقامه وبطشه بالأسد إذا ضرب واغتاظ، وحينئذ يضرب بذنبه جنبيه كما مثل حسان ذلك بلسانه بقوله: " ثم أدلع لسانه فجعل يحركه "، وهذا يدل أن مراده بالأسد اللسان، وقد يحتمل أنه أراد بالأسد نفسه، وبذنبه لسانه. ومعنى " أدلع لسانه ": أخرجه، يقال: أدلع لسانه ودلعه، ودلع اللسان نفسه إذا أخرجه عن الشفتين.

وقوله: " لأفرينهم بلسانى فرى الأديم ": أى لأمزقن أعراضهم تمزيقاً وتقطيعاً كقطع الجلد.

قال الإمام: أى لأقطعنهم قطع الجلد. قال صاحب الأفعال: فريت الأديم: قطعته على جهة الإصلاح، والتقدير: فأفريت الشىء، قطعته على جهة الإفساد. وأفريت أيضاً: شققته.

قال القاضى: وقوله - عليه السلام -: " هجاهم حسان، فشفى [واشتفى] (١) ": أى شفى المؤمنين من الغم والهم بهجوهم لهم وكف أذاهم، وشفى هو أيضاً نفسه من ذلك. وأصله فى المرض، ويستعمل فى غيره، ورواه أبو عبيد الهروى: " وأشفى "، أى جعل هجوه شفاء للمؤمنين، يقال: أشفيت المريض: إذا جعلت له دواء يشفيه وطلبته له. وقوله فى شعرة المهموز الذى ذكره مسلم:

هجوت محمداً براً تقيا

ويروى:

هجوت مباركاً براً حنيفا

والبر: الواسع الخير والنفع، وهو من البر بالكسر، وهو الاتساع فى الإحسان، وهو اسم جامع للخير كله، ويكون البر هنا أيضاً بمعنى التقى المنزه عن المأثم، ومنه بيع مبرور: إذا لم يخالطه كذب ولا غش، وحج مبرور: إذا لم يخالطه مأثم. ومعنى " حنيفاً " فى الرواية الأخرى: أى مستقيماً، والحنف: الاستقامة، وسمى المائل الرجل


(١) من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>