للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٨ - (٢٥٨٠) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".

٥٩ - (٢٥٨١) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

ــ

وقوله: " مَنْ فرّج عن مسلم كربة [من كرب الدنيا] (١) فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ": فى هذا فضل معونة المسلم للمسلم فى كل خير، وفعله المعروف إليه، وستره عليه. وهذا الستر فى غير المستهترين، وأما المنكشفون المستهترون الذين يقدم إليهم فى الستر وستروا غير مرة فلم يرعوا وتمادوا، فكشف أمرهم وقمع شرهم مما يجب؛ لأن كثرة الستر عليهم من المهادنة على معاصى الله - تعالى - ومصانعة أهلها. وهذا - أيضاً - فى ستر معصية [انقضت وفاتت] (٢)، وأما إذا عرف انفراد رجل بعمل معصية واجتماعهم لذلك فليس الستر هاهنا السكوت على ذلك وتركهم إياها، بل يتعين على من عرف ذلك إذا أمكنه بتغييرهم عن ذلك كل حال وتغييره، وإن لم يتفق ذلك إلا بكشفه لمن يعينه أو للسلطان. وأما إيصاء حال من يضطر إلى كشف حاله من الشهود والأمناء والمحدثين، فبيان حالهم ممن يقبل منه ذلك وينتفع به مما يجب على أهله.

فأما فى الشاهد فعند طلب ذلك منه لتجريحه، أو إذا رأى حكماً يقطع بشهادته وقد علم منه ما يسقطها، فيجب رفعها.

وأما فى أصحاب الحديث وحملة العلم المقلدين فيه، فيجب كشف أحوالهم السيئة لمن عرفها ممن يقلد فى ذلك، ويلتفت إلى قوله؛ لئلا يغتر بهم ويقلد فى دين الله من لا يجب. على هذا اجتمع رأى الأئمة قديمًا وحديثًا. وليس الستر هنا بمرغب فيه ولا مباح.

وفيه أن المجازاة فى الآخرة قد تكون من جنس العمل فى الدنيا من خير أو شر. وليس فى الحديث ما يدل على الإثم فى كشفه ورفعه إلى السلطان، وإنما فيه الترغيب على ستره. ولا خلاف أن رفعه له وكشفه معصية الله مباح له غير مكروه ولا ممنوع، إن كانت له نية من أجل عصيانه لله، ولم يقصد كشف ستره والانتقام منه مجردًا فهذا يكون (٣) له.


(١) سقط من ح.
(٢) فى ز: الغضب وعايته؛ والمثبت من ح.
(٣) فى ح: يكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>