للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أسْوَدُ مُرْبَادًّا، كَالْكُوزِ مُجَخِّيًّا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ".

قَالَ حُذَيْفَةُ: وَحَدَّثْتُهُ؛ أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَاباً مُغْلَقاً يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ. قَالَ عُمَرُ: أَكَسْرًا، لَا أَبَالَكَ؛ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ. قُلْتُ: لَا. بَلْ يُكْسَرُ، وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ، حَدِيثاً لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ.

قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: يَا أَبا مَالِكٍ، مَا أَسْوَدُ مُرْبَادًّا؟ قَالَ: شِدَّةُ الْبَيَاض فِى سَوَادٍ. قَالَ: قُلْتُ، فَمَا الْكُوزُ مُجخِّيًّا؟ قَالَ: مُنْكُوساً.

(...) وحدّثنى ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوانُ الفَزارِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِىُّ، عَنْ رِبْعِىٍّ؛ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ حُذَيْفَةُ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، جَلَسَ فَحَدَّثَنَا، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمْس لَمَّا جَلَسْتُ إِلَيْهِ سَأَلَ أَصْحَابَهُ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الْفِتَنِ؟ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى خَالِدٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَفْسِيرَ أَبِى مَالِكٍ لِقَوْلِهِ. " مُرْبَادًّا مُجَخِّياً ".

(...) وحدَثنى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَعَمْرُو بْنُ عَلِىّ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّىُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِى هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ

ــ

" حتى تحمار وتصفار " (١) وقال بعضهم: يقال: احمرَّ الشىء، فإذا قوى قيل: احمارَّ، فإذا زاد (٢) قيل: احمأرَّ. فعلى هذا تصوَّب جميع الروايات ويكون بعضها أبلغ من بعض (٣).

وقوله: " إن بينك وبينها باباً مغلقاً .. " [الحديث] (٤) وذكر كسر الباب وفسَّره فى غير هذا الحديث أن الباب عمر، واستعظام عُمَرَ كسْره وخوفه منه؛ لأن الكسر لا يكون إلا عن إكراه وغلبَة، وخلاف عادةٍ، فكأن الباب المغلَقَ عن دخول الفتن على الإسلام عُمَرُ وكسرُهُ: قَتْلُهُ (٥).


(١) سيأتى إن شاء الله فى البيوع، وكذا أخرجه البخارى فى البيوع عن أنس بن مالك، ب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ٣/ ١٠٠، وكذا أبو داود فى البيوع، وأحمد فى المسند ٣/ ٢٢٠.
(٢) فى ق: زيد.
(٣) انظر: المفهم للقرطبى، فقد نقل هذا الكلام بكتابه بغير عزو ١/ ٣٦٥، ٣٦٦.
(٤) من ق.
(٥) قال ابن بطال: قول حذيفة: " إن بينك وبينها باباً مغلقاً " ولم يقل له: أنت الباب - وهو يعلم أنه الباب - فعرَّض له بما فهمه ولم يُصَرح، وذلك من حسن أدبه، وقد جاء فى الصحيح أن عمر كان عارفاً بذلك. فإن قيل: فلم شك فيه حتى سأل عنه؟ فالجواب: أن ذلك يقع مثله عند شدة الخوف، أو لعله خشى أن يكون نسى فسأل من يذكره، قال الحافظ فى الفتح: وهذا هو المعتمد. وراجع: فتح الملهم ١/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>