للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كتاب مسلم، قال أبو خالد: قلت لسعد بن طارق: ما الأسود المُرْبادُ؟ قال: شدةُ البياض فى سواد. قلت: ما معنى مجخياً؟ قال: منكوساً.

قال الهروى: المجخِّى المائل، وجخّى إذا فتح عَضُديه فى السجود، وكذلك جخَّ. قال شُمر: جخَّى فى صلاته إذا رفع بطنه عن الأرض فى السجود، وكذلك خوَّى، قال غيره: جخَّى وخوَّى إذا جلس مُستوفِزاً فى الغائط.

قال القاضى: ما وقع من التفسير فى الأم مما ذكره مسلم فى بعضه تلفيف (١) وفى بعضه تصحيف (٢)، قال لى ابن سراج: ليس قوله كالكوز مجخّياً شبيهٌ لما تقدم من سواده، لكنه أخذ فى وصف آخر من صفاته من أنه قُلِبَ ونُكّسَ حتى لا يَعلَقَ به خير ولا حكمة ومَثَّلَهُ بالكوز المجخَّى، يبينه قوله: لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً. وقال أبو عبيد: المجخَّى: المايل، ولا أحسبه أراد بميله إلا أنه منخرق الأسفل، شُبّه به القلبُ الذى لا يعى خيراً كما لا يثبت الماء فى الكوز المنخرق (٣).

قال القاضى: إذا كان مقلوباً منكوساً لم يثبت فيه شىء وإن لم يكن منخرقاً.

وأما قوله: فى المُرْباد شدةُ البياض فى السواد، فإن بعض شيوخنا كان يقول: إنه تصحيف، وهو قول [القاضى] (٤) إلى الوليد الكنانى، قال: أرى صوابه شبه البياض فى سواد، وذلك أن شدة البياض فى السَّواد (٥) لا يُسمى رُبْدَةً وإنما يقال لهذا: أبلق إذا كان فى الجسم وجُوِّز إذا كان فى العين، والرُّبدَةُ إنما هو شىء من بياض يسير يخالطُ السواد كلون أكثر النعام، ومنه قيل للنعامة: رَبْداءُ، فصوابه شِبْه البياض لا شدة البياض فيوافق تفسير مرباد.

قال أبو عبيد عن أبى عمرو وغيره: الرُّبْدَةُ: لونٌ بين السواد والغُبْرة، وقال ابن دُريد: الرُبْدةُ: لونٌ أكدرُ. قال غيرُه: الرُّبْدة: أن يختلط السواد بكُدْرة. قال الحربى: الرُّبْدَةُ: لون النعام بعضه أسود وبعضه أبيض، ومنه أربد لونُه إذا تغير ودخله سواد، وإنما سُمى النعام أرْبَد لأن أعالى ريشه إلى السواد، وقال نفطوَيْه: المُرْبَدّ: المُلمَّع بسواد وبياض ومنه تَرَبَّدَ لونُه، أى تلون فصار كلون الرماد، وهذا - أيضاً - تفسير قول الحربى، وكذا روينا قوله مُربئد، بالهمز، عن أكثر شيوخنا عن العذرى، وكذا ذكره الحربى وأصله ألا يُهْمَز ويكون مُرْبَدّ مثل مُسْود ومُحْمَر، وكذا ذكره أبو عبيد والهروى وصححه بعض شيوخنا عن أبى مروان بن سراج؛ لأنه من أربَدَّ إلا على لغة من قال: احمارّا لالتقاء الساكنين، فيقال: أرباد ومُرْبيد، وروايتنا فيه عن الأسدى عن السمرقندى وعن الخشنى عن الطبرى، وهى رواية ابن سعيد - أيضاً - مُرْبادٌّ، بألف غير مهموز، قال الحربى: يقال: اصفرَّ واحمَّر واخضَرَّ وابيَضَّ واسوَدَّ، هذه الخمسة بغير ألف وما سواها بألف مثل: ادْكانَّ واشهابَّ واصهابَّ، فعلى هذا لا يقال إلا اربَادَّ (٦).

وقال أبو عُبيد: مُرْبَدّ مثل مُحمر ومُصفَر ومبيضٌّ، وفى حديث بيع الثمرة


(١) و (٢) اللفلفة فى الكلام: ثقلٌ وعىٌّ مع ضعف، والتصحيف هو: الخطأ فى القراءة عن الصحف. لسان.
(٣) غريب الحديث ٤/ ١٢٢. وابن سراج سبق بالمقدمة.
(٤) من ق.
(٥) راجع: المقدمة، قسم الدراسة.
(٦) فهو على ذلك حالٌ أو منصوب على الذمّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>