للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - (٢٦٦٦) حدّثنا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الجَحْدَرِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِىُّ، قَالَ: كَتَب إلى عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الأنْصَارِىُّ؛ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عمْرٍو قَالَ: هَجَّرْتُ إلى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا. قَالَ: فَسَمِعَ أصْوَاتَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَاَ فِى آيَة، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ فِى وَجْهِهِ الغَضَبُ. فَقَالَ: " إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلافِهِمْ فِى الكِتَابِ ".

٣ - (٢٦٦٧) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو قُدَامَةَ الحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أبِى

ــ

عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} (١) {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} (٢)، فحقيقة اختلاف الإضلالين يعسر دركه من ناحية اللفظ، وإنما يدرك بالعقول افتراق هذه المعانى وما يصح منها وما لا يصح، ويلحق بهذا أى الوعيد والغفران للمعاصى أو تعذيبه، فقد وقع فى القرآن فى ذلك ظواهر تتعارض وتفتقر إلى نظر طويل؛ ولذلك ما ينخرط فى هذا المسلك مما يقع فى القرآن من هذا المعنى، وقيل غير ذلك مما يكثر ناسخه.

واختلف الناس فى الراسخين فى العلم، هل يعلمون تأويل هذا التشابه وتكون الواو فى قوله عز وجل: {وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ} عاطفة على اسم الله سبحانه أو لا يعلمون، وتكون الواو لافتتاح جملة ثانية واستئنافها، ويكون قوله: {[يَقُولُون] (٣) آمَنَّا بِهِ} خبراً لهذا المبتدأ، أو يكون على مذهب الأولين فى موضع نصب على الحال، تقديره: والراسخون فى العلم قائلين آمنا به، والوجهان جميعاً مما يحتملهما الكلام، وإنما يعضد، كل تأويل بترجيح لا يبلغ القطع، ويكاد أن يكون علم الراسخين فى العلم بالمتشابه.

وتحذيره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الذين يتبعون ما تشابه منه؛ لما نبه الله عز وجل عليه وهو قوله: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِه}، ومعلوم أن هذا كثير ما يوقع فى الفتن، ويوقع فى فساد الاعتقاد، وهذا مما يجب أن يحذر.

وقوله: " إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم فى الكتاب "، وقوله: " اقرؤوا القرآن ما ائتلفت [عليه] (٤) قلوبكم، فإذا اختلفتم فيه فقوموا ": فهذا مما تعلق به الحشْوية (٥) ونفاة النظر، ومحمله عند أهل العلم على أنّ المراد به اختلاف لا يجوز، أو يوقع فيما لا


(١) الجاثية: ٢٣.
(٢) طه: ٧٩.
(٣) فى هامش ح.
(٤) من الحديث المطبوع.
(٥) الحشوية: الله أعلم من يقصدهم القاضى، فقد قال ابن تيمية: فأما لفظ الحشوية فليس فيه ما يدل على شخص معين فلا يدرى من هم هؤلاء؟ وقد قيل: إن أول من تكلم بهذا اللفظ شيخ المعتزلة عمرو بن عبيد. فقال: كان عبد الله بن عمر حشوياً. وكأن هذا اللفظ فى اصطلاح من قاله يريد به العامة الذين هم حشو، كما تقول الرافضة عن مذهب أهل السنة. انظر: منهاج السنة النبوية ٢/ ٥٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>