للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟ ".

٢٤٥ - (...) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِى نَافِعٌ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَأَمَّكُمْ؟ ".

٢٤٦ - (...) وحدّثنا زُهيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَافِع، مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟ " فَقُلْتُ لابْنِ أَبِى ذِئْبٍ: إِنَّ الأَوْزَاعِىَّ حَدَّثَنَا عَنْ الزُّهْرِىِّ، عَنْ نَافِع، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ: " وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ ". قَال ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ: تَدْرِى مَا أَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟ قُلْتُ: تُخْبِرُنِى. قَالَ: فَأَمَّكُمْ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسُنَّةِ

ــ

عيسى عند نزوله إلى الأرض، وتصير الملل كلها واحدةً على ملَّة الإسلام. وقيل: الهاء عائدة على الكتابىِّ، أى قبل أن يموت هو، وعند رؤيته الحق يؤمن بعيسى كل من كذب به منهم، وقد قرئ: " قبل موتهم " وهو على هذا التأويل. وقيل: الهاء فى {به} عائدة على نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفى {موته} على الكتابيين (١).

وقوله: " وإمامُكم منكم " وفى الحديث الآخر: " فأمكُمْ مِنكم ": فسَّره فى الكتاب أبن أبى ذئب فقال: فأمَّكُمَ بكتاب الله وسُنَّة نبيكم. وهذا كلام حسنٌ؛ لأن عيسى ليس يأتى لأهل الأرض رَسولاً ولا نبياً مبعوثاً، ولا بشريعة جديدة؛ لأن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتَم النبيين، وشريعته ناسخة لجميع الشرائع راسخة إلى يوم القيامة، وإنما يحكم عيسى بها.


(١) قال الحافظ ابن كثير: " وهذه الآية كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: ٦١]، وقرئ: {عَلَمٌ} بالتحريك، أى إشارة ودليل على اقتراب الساعة ". تفسير القرآن العظيم ٢/ ٤١٨.
والذى حمل أبا هريرة على قراءة الآية فيما نقله الحافظ ابن حجر عن ابن الجوزى: للإشارة إلى مناسبتها لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها "، فإنه يشيرُ بذلك إلى صلاح الناس، وشِدَّة إيمانهم، وإقبالهم على الخير، فهم لذلك يؤثرون الركعة الواحدة على جميع الدنيا. فتح البارى ٤/ ٣٤٣.
وقد جاء الحديث فيما أخرجه أبو داود وأحمد ببيان أوصافه للمسلمين فقال: " فإذا رأيتموه فاعرفوه، رَجُلاً مربوعاً إلى الحمرة والبياض، عليه ثوبانِ ممصَّران، كأن رأسه يقْطُر وإن لم يُصبه بللٌ ". راجع كذلك: المصنف لابن أبى شيبة ١٥/ ١٥٩.
ومعنى المربوع: المعتدل القامة وهو إلى الطول أقرب ولونُه أقربُ إلى الحُمرةِ والبياض. والممَصَّر هو الذى فيه صُفرةٌ خفيفة، والمراد بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كأن رأسه يقطرُ " بيان ما يكون عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نظافة ونضارة. راجع: التصريح بما تواتر فى نزول المسيح ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>