للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى فِى سُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا نَبطِىٌّ مِنْ نَبَط أَهْلِ الشَّامِ - مِمَّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ - يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَىَّ،

ــ

كأنه ألبسه ظله لدنوه منه.

وقوله: " راح عنى الباطل ": أى ذهب [ذنوبه] (١). " فأجمعت صدقه " أى عزمت عليه، يقال: أجمع الرجل مكره وجمع عليه وعزم عليه بمعنى، قاله سيبويه. وقال أبو الهيثم: أجمع أمره: جعله جميعاً بعد أن كان متفرقاً.

وقوله: " ولقد أوتيت جدلاً ". قيل: الجدل: مقابلة الحجة بالحجة. وقيل: جدل الفرد فى الخصام. وكانت العرب تتفاخر بذلك أنه من فصاحة اللسان وقوة العارضة، وحضور النفس، وحدة الذهن، قال الله تعالى فى قريش: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (٢)، قال: {وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا} (٣).

وقوله: " ليوشكن الله أن يسخطك على " بكسر الشين، ولا يقال بفتحها. قال أبو على: هو كما قالوا حتى أن يفعل. وقال الخليل (٤): معناه: أسرع.

وقوله: " أرجو عقبى الله ": أى ثوابه. والعقبى: ما يكون بعد الشىء وعلى أثره، وما يكون كالعوض منه، ومنه العقاب على الذنب؛ لأنه بدل من فعله ومكافأة عليه.

وقوله: " ونهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كلامنا أيها الثلاثة " بالرفع، وموضعه النصب على الاختصاص. قال سيبويه عن العرب: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة، وهذا مثله.

وقوله: " فأما صاحبى [فاستكانا " أى خضعا. وقوله: " وتسورت جدار حائط أبى] (٥) قتادة ": فيه جواز مثل هذا والدخول بغير إذن على من يدل عليه، ويعرف أنه لا عورة له هناك.

وقوله: " إنه سلم عليه فلم يرد عليه " بعموم نهى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كلامهم.

وقوله: " أنشدك بالله " أى أسألك بالله، وأصله من رفع الصوت بذلك.

وقول أبى قتادة: " والله ورسوله أعلم " لعله لم يقصد بذلك سماعه فيكون مكلماً له، وإنما قال ذلك لنفسه لما ناشده الله، وقد أمر النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى ذلك بما أمر. قال ذلك أبو قتادة مظهراً [لما] (٦) اعتقد لا لسمعه. ولو أن رجلاً حلف لا يكلم رجلاً فسأله عن شىء فقال له: الله أعلم يريد لسمعه ذلك لكان مكلماً له.


(١) ساقطة من ح.
(٢) الزخرف: ٥٨.
(٣) مريم: ٩٧.
(٤) هو عباس بن محمد كاتب المتنتدر، كان كاتباً جليلاً وكان يطمع فى الوزارة، فلما تولى الوزارة على بن عيسى، اعتقل أبا الهيثم إلى حين وفاته، فأوصى أن يصلى عليه أبو عيسى البلخى، سنة اثنين وثلاثمائة ٣٠٢ هـ. انظر النجوم الزاهرة ٣/ ١٨٥، الأعلام ٣/ ٢٦٥.
(٥) سقط من ز، والمثبت من ح.
(٦) ساقطة من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>