للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى جَاءَنِى فَدَفَعَ إِلَىَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنتُ كَاتِبًا، فَقَرأتُهُ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نَواسِكَ. قَالَ: فَقُلْتُ - حِينَ قَرَأتهَا -: وَهَذِهِ أَيْضًا مِنَ الْبَلاءِ، فَتَيَامَمْتُ بِهَا التَّنُّوَرَ فَسَجَرْتُهَا بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسِينَ، وَاسْتَلبَثَ الْوَحْى، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأَتِينِى. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَك. قَالَ: فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعُل؟ قَالَ: لاَ، بَلِ اعْتَزِلْهَا. فَلاَ تَقْرَبَنَّهَا. قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَىَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ: فَقُلْتُ لامْرأَتِى: الْحَقِى بِأَهْلِكِ فَكُونِى عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللهُ فِى هَذَا الأَمرِ. قَالَ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ

ــ

وقوله فى الصلاة: " وأسارقه النظر ": دليل أنّ خفيف الالتفات والنظر فى الصلاة غير مفسد لها.

وقوله: " فأقول: هل رد علىَّ السلام أم لا؟ " يحتمل لرده عليه سراً، وأن هذا [يخرجه] (١) من الحرج فى ترك رده، أو يكون ترك الرد على هؤلاء جملة خصوصاً. ونبط أهل الشام ونبيطها وأنباطها: نصاراها الذين عمروها.

وقوله: " ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة " بكسر الضاد وسكونها أيضاً، أى حال إيضاع، أى حيث يضاع حقك ولا يهتبل بك. وقوله: " فتيممت بها التنور فسجرتها ": أى قصدته فاحرقتها. وأصله: تأممت، ومنه قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (٢). وأنث الكتاب هنا على معنى الصحيفة. وفيه جواز حرق ما فيه اسم الله تعالى لعلة توجب ذلك. وقد أحرق عثمان والصحابة المصاحف بعد أن غسلوا منها ما قدروا عليه.

وقوله: " واستلبث الوحى ": أى أبطأ، وبقى لم ينزل لكل المدة.

وقوله: " وكنت أشد القوم وأجلدهم ": أى أصغرهم سناً وأقواهم. والجلد: القوة والشدة بالفتح، ورجل جلد - بالسكون - وجليد: بين الجلادة والجلد.

وقوله: " الحقى بأهلك وكونى عندهم حتى يقضى الله فى هذا الأمر ": دليل على أنه ليس من ألفاظ الطلاق ولا كناياته الصريحة، وإنما هو من الكنايات التى لا يلزم بها الطلاق إلا مع نية، لا سيما مع بيان قوله: " حتى يقضى الله فى هذا الأمر " ومع قوله: ففلت: أطلقها؟ قال: " لا ".

وفى قول امرأة هلال: " هل تكره أن أخدمه " دليل على الترغيب فى خدمة المرأة


(١) فى ح: يخرج.
(٢) المائدة: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>