للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسَارٍ، عَنْ أبى سَعِيدٍ الخُدْرِىِّ؛ أنَّ رَجالاً مِنَ المُنَافِقِينَ - فِى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا إذَا خَرَجَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإذَا قَدِمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَذَرُوا إلَيْهِ. وَحَلَفُوا، وَأحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا. فَنَزَلَتْ: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُواَ فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ} (١).

٨ - (٢٧٧٨) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْر - قَالا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنِي ابْنُ أبِى مُلَيْكَةَ؛ أنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أخْبَرَهُ؛ أنَّ مَرْوَانَ قَالَ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ - لبَوَّابِه - إلَى ابْنِ عَبَّاس فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئ مِنَّا فَرِحَ بَمَا أتَى، وَأحَبَّ أنْ يُحْمَدَ بِمَا لَم يَفْعَلْ، مُعَذَّبًا، لَنُعَذّبَنَّ أجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الآيَةِ؟ إنَّمَا أنْزِلَتْ هَذِه الآيَةُ فِى أهْلِ الكِتَابِ، ثُمَّ تَلا ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الًّذَينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّننَّهُ لَلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} (٢) هَذِهِ الآيَةَ. وَتَلا ابْنُ عَبَّاسٍ: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَألَهُمُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَىْءٍ فَكَتَمُوهُ إيَّاهُ، وَأخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَخَرَجُوا قَدْ أرَوْهُ أنْ قَدْ أخْبَرُوهُ بِمَا سَألَهُمْ عَنْهُ، وَاسْتَحْمَدُوا بِذلِكَ إلَيْهِ. وَفَرِحُوا بِمَا أتَوْا، مِنْ كِتْمَانِهِمْ إيَّاهُ، مَا سَألَهُمْ عَنْهُ.

ــ

وفى رفع زيد بن ثابت قوله إلى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جواز رفع الأمور المنكرة للحكام والأمراء، لا سيما بما يخشى عود مضرته على المسلمين.

وصلاة النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك عليه وإلباسه قميصه مبرة لابنه لصحة إيمانه. وقد بين مسلم فيما أتى به من الروايات أن ابنه كان سأله إعطاءه قميصه وأن يصلى عليه، وأن ذلك كان قبل نزول النهى عن الصلاة على المنافقين، وقيل: بل كان قد ألبس العباس حين أسر ببدر قميصه (٣)، فكافأه النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما فعل. وما فى الحديث أبين وأرفع (٤) للإشكال. وتقدم الكلام فى تعرض عمر له. وقول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما خيرنى الله وسأزيده على السبعين ".

وقوله: " قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم ": تنبيه على أن الفطنة قل ما تكون مع كثرة اللحم، والاتصاف بالسمن والشحم.


(١) آل عمران: ١٨٨.
(٢) آل عمران: ١٨٧.
(٣) فى ح: قميصاً.
(٤) فى ح أدفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>