للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٨٤٧) وحدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَّجتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ". فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ إِلَى قَوْلِهِ: " وَلِكِلَيْكُمَا عَلَىَّ مِلْؤُهَا " وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ.

٣٧ - (٢٨٤٨) حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نبِىَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العِزَّةِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - قَدَمَهُ. فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، وَعِزَّتِكَ. وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ".

ــ

عِندَ رَبِّهِمْ} (١)، معناه: التقدم والسبق، لا قدم الرجل. فإذا وقع مثل هذا (٢) فى القرآن حملنا ما وقع فى السنة عليه، وإلى هذا مال النضر بن شميل. وقد أشار ابن الأعرابى إلى أن القدم يعبر به عن هذا المعنى، ولكن فى الشرف والجلالة.

ويحتمل أن يكون المراد ها هنا بالحديث: قدم بعض خلقه، وتكون الإضافة هنا إلى الله - سبحانه - إضافة فعل لا إضافة جارحة.

وقد قال بعضهم: يحتمل أن يريد أن الله - سبحانه - يخلق فى الآخرة خلقاً يسمى بهذه التسمية، فلا تمتلئ النار إلا به.

ويحتمل وجهاً آخر على رواية من رواه: " حتى يضع الجبار " أنْ يريد به الشيطان؛ لأنه أصل الجبارين، أو يريد به أحد الكفرة من الجبابرة، فيكون المعنى: لا تمتلئ حتى يضع إبليس فيها قدمه، أو هذا المشار إليه.

وأمّا ما خرّجه مسلم فى بعض طرقه: " حتى يضع الله رجله " فقد أنكر هذه اللفظة بعض أهل العلم، وزعم ابن فورك أنها غير ثابتة عند أهل النقل، ولكن لابد من تأويلها لأجل تخريج مسلم لها وهو كما وصفناه فى كتابنا هذا أولاً، ووصفنا أحاديثه، فيصح أن يكون المراد ها هنا: رجل بعض خليقته، وأضاف ذلك إليه عز وجل إضافة فعل لا إضافة جارحة، كما قدمناه فى القدم.

ويصح فيه تأويل آخر أيضاً وهو: أن يكون المراد ها هنا بالرجل: الجماعة من الناس، كما يقال: رجل من جراد، أى جماعة من جراد. وقد وقع ذلك فى أشعار كثيرة.

وإذا أمكن حمل الحديث على هذه التأويلات الصحيحة الجائزة على الله - سبحانه -


(١) يونس: ٢.
(٢) فى ح: ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>