للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ. قَالَ: فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِى أَنِّى ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِىَ حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَأَمَّا أَنَا، فَوَالله، مَا شَعَرْتُ.

قَالَ: وَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنينَ. فَحَدَّثَهَا. فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِليْهِ؟ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ ".

ــ

أبى عبد الله بن عيسى: حدثنا حسين - يعنى ابن يسار.

قوله: " وقد نفرت عينه "، كذا رويناه من جماعة شيوخنا: بفتح النون والفاء أخت القاف معاً، أى ورمت، وكان فى أصل كتاب القاضى التميمى " فقرت وفقئت " معاً، فقلت: متى فقئت فى الموضعين، وكتب على الأول بخطه: " نقرت " بالنون والقاف وكذلك عند بعضهم، ورواه الإمام أبو عبد الله فى المعلم: " بقرت "، وكذا عند بعضهم: " بُقرت " بالباء والقاف، وفسره: شقت، فإن صحت هذه الروايات فهى من معنى الروايات الأخر إن صحت؛ لأن ما شق من العين أو بقر فقد فقئ، وكذلك ما فقر من الأعين - أى استخرج - فقد فقئ، وكذلك ما نقر بالنون. والنقر مثل الحفر، والنقرة والنقير منه. والحفرة فى الحجر أو أصله النخلة، أو النواة، وكله عبارة عن العور.

وقوله: " ثم لقيته لقية ": كذا وجدته فى كتاب بضم اللام، وتعلمت بقول: " لقية " بالفتح، وكذا كان فى أصل عيسى.

قوله: " تعلموا أنه ليس يرى أحد منكم ربه حتى يموت " (١)، قال الإمام: هذا يشير إلى مذهب أهل الحق: أن الله يرى فى الآخرة ولو يستحيل - كما قالت المعتزلة - لم يكن للتقييد بالموت معنى والأحاديث فى هذا كثيرة، وقد عول عليها بعض أئمتنا فى إثبات الرؤية فى الآخرة على طرق بسطوها فى كتب الأصول.

قال القاضى: ومذهب أهل الحق ومثبتى الرؤية فى الآخرة: أنها غير مستحيلة فى الدنيا. ثم اختلفوا فى وجودها أو منعها بحكم ظاهر الحديث. وظاهر قوله: {لا تدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} (٢) على من تأوله فى الدنيا، وهل رآه نبينا ليلة الإسراء أم لا. للسلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة الفقهاء والمحدثين والنظار فى ذلك اختلاف معروف. وأكثر المانعين لها فى الدنيا ذهبوا إلى أن علة ذلك ضعف قواهم فيها [فتكا] (٣) عن احتمالها، كما لم يحتملها موسى - عليه السلام - فى الدنيا.


(١) حديث رقم (٩٥) بالباب.
(٢) الأنعام: ١٠٣.
(٣) كذا فى ز، وهى ساقطة من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>