للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَأتَى الأقْرَعَ فِى صُورَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا. وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْل مَا رَدَّ علَى هَذَا. فَقَالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللهُ إلَى مَا كُنْتَ.

قَالَ: وأَتَى الأعْمَى فِى صُوْرَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ، انْقَطَعَتْ بِىَ الحِبالُ فِى سَفَرِى، فَلا بَلاغَ لِىَ اليَوْمَ إلا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ. أسْأَلُكَ، بِالَّذِى رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاةً أتَبَلَّغُ بِهَا فِى سَفَرِى. فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعمَى فَرَدَّ اللهُ إلَىَّ بَصَرِى. فَخُذْ مَا شِئتَ، وَدَعْ مَاشئتَ. فَوَاللهِ، لا أجْهَدُكَ اليَوْمَ شَيْئًا أخَذْتَهُ للهِ. فَقَالَ: أمسِكْ مَالَكَ، فإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رُضِىَ عَنْكَ، وَسُخِطَ عَلى صَاحِبَيْكَ.

١١ - (٢٩٦٥) حدّثنا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ العَظيمِ - واللَّفْظ لإسْحَاقَ - قَالَ عَبَّاسٌ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ إسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا - أَبُو بَكْرٍ الحَنَفَىُّ، حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، حَدَّثَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ أبِى وَقَّاصٍ فِى إبِلِهِ، فَجَاءَهُ ابْنُهُ عمَرُ. فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ: أعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ. فَنَزَلَ. فَقَالَ لَهُ: أنزَلْتَ فِى إبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاس يَتَنَازَعُونَ المُلْكَ بَيْنَهُمْ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِى صَدْرِهِ فَقَالَ: اسْكُتْ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إنَّ الله يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِىَّ، الغَنِىَّ، الخَفِىَّ ".

١٢ - (٢٩٦٦) حدّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الحَارِثِىُّ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ

ــ

وقوله: " لا أجهدك اليوم شيئاً أخذته لله " كذا لأكثرهم، وعند ابن ماهان: " أحمدك " بالحاء المهملة والميم، وكذا رواه البخارى (١). وقال بعضهم: صوابه: " لا أجدك " بالدال، أى أمنعك، وهذا تغيير للرواية الصحيحة النقل والمعنى. فأما " أحمدك " فمعناه - فيما قيل -: لا أحمدك فى نزول شىء أو لبقائه؛ لطيب نفسى بما تأخذه كما قال المرقشى: ليس على طول الحياة ندم. أى ليس على فوت طول الحياة ندم، وأما على رواية: " أجهدك "، أى لا أبلغ منك جهداً أو مشقة فى منعك شيئاً أخذته لله. قال صاحب الأفعال: جهدته وأجهدته: بلغت مشقته. وقد يكون هنا " أجهدك " أى أقلل لكم (٢) فيما تأخذه. والجهد ما يعيش به المقل، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُم} (٣).

وقوله عليه السلام: " إن الله يحب العبد التقى الغنى الخفى " بالحاء المهملة، ولغيره


(١) ك أحاديث الأنبياء، ب حديث الأبرص والأعمى والأقرع ٤/ ٢٠٨.
(٢) فى ح: لك.
(٣) التوبة: ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>