للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَنَعَتَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَجُلٌ - حَسِبْتُهُ قَالَ - مُضْطَرِبٌ، رَجِلُ الرَّأسِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَال شَنُوءَةَ ". قَالَ: " وَلَقِيتُ عِيسَى - فَنَعَتَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ " يَعْنِى حَمَّامًا. قَالَ: " وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ ". قَالَ: " فأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ فِى أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِى الآخَرِ خَمْرٌ. فَقِيلَ لِى: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ. فَقَالَ: هُدِيتَ الْفِطْرَةَ - أَوْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ - أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ ".

ــ

الوجه الخامس: أن يكون أُخبر بتحقيق حال ما أوحى إليه من أمرهم وما كان منهم، وإن لم يرهم رؤية عين، ويدل عليه قوله: " كأنى أنظر " فصار يقينه بذلك كالمشاهدة. وفى هذه الجملة من الفقه رفع الصوت بالتلبية لقوله: [له] (١) جُؤار إلى الله بالتلبية، وهى سنَّتُهَا فى شرعنا للحاجّ (٢) من غير إسراف إلا فى المساجد فليخفض بها صوتَه ويسمع من يليه إلا مسجدى مكة ومنى، فليرفع [فيهما] (٣) بها صوتَه عند مالك - رحمه الله - لاستواء كل من فى ذينك المسجدين فى ذلك الحكم، بخلاف غيرهما من مساجد البلاد الذى الحاجّ فيه قليل، فتشتهر بذلك فيها، فتحدث فساد عملك.

وفيه من الفقه التلبية ببطن المسيل؛ وأنه من سنن المرسلين وشرائعهم، وبه احتج البخارى فى المسألة لقوله: " إذا انحدر من الوادى ووقع فى كتاب مسلم وبعض روايات البخارى: " إذا انحدرا " بفتح الدال وألف بعدها، فتوهم بعضهم فيه أنه لما يستقبل، ووَهم راويه وقال: الصواب رواية من روى: " إذا انحدِر " بكسر الدال، قال: أو يكون وَهِم وجعل موسى موضع عيسى، فإن موسى بعد لا يحج البيت وإنما يحج عيسى، وهذا من هذا القائل تعسُّفٌ بعيدٌ وجَسرٌ على التوهيم لغير ضرورة وعدم فهم لمعانى (٤) الكلام، إذ لا فرق بين إذ وإذا هنا؛ لأنه إنما وصف حاله حين انحداره فيما مضى.

وفيه من الفقه جواز وضع الأصبع فى الأذن عند الأذان، ورفع الصوت لقوله عن موسى - عليه السلام.


(١) ساقطة من ت.
(٢) فى الأصل: إلا لجامع.
(٣) من ق.
(٤) فى ت: بمعانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>