للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلاً جَعْداً قَطَطاً، أَعْوَرَ عَيْن الْيُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ بَابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَىْ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الْمَسيِحُ الدَّجَّالُ ".

٢٧٥ - (...) حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ عَنْ سَالِمٍ، عَن ابْن عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " رَأَيْتُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ رَجُلاً آدَم، سَبِطَ الرَّأسِ، وَاضِعاً يَدَيْهِ عَلَى رَجُلَيْنِ، يَسْكُبُ رَأسُهُ - أَوْ يَقْطُرُ رَأسُهُ - فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالوا: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، أَوِ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ - لَا نَدْرِى. أَىَّ ذَلِكَ قَالَ - وَرَأَيْتُ وَرَاءهُ رَجُلاً أَحْمَرَ، جَعْدَ الرَّأسِ، أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، أَشْبهُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ ابْنُ قَطَنٍ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ ".

ــ

من ديماس " إلى ما يأتى بعده من ذكره: " أنَّ لِمَّتَه تقطر ماءً " واللِمّةُ الشعر (١) بكسر اللام، وهى التى تُلِمُّ بالمنكبين.

وقوله: " رجَّلها ": يريد - والله أعلم - بالماء وبالمشط، يقال: شَعر مُرَجَّلٌ إذا مُشِّط، وشعر رَجِل إذا كان فى خلقته وتكسيره على هيئة الممشوط.

وقوله: " تقطر ماء ": يحتمل أن يكون على ظاهره، أى يقطر بالماء الذى رجّلها به لقرب ترجيله إياه، وإلى هذا نحا القاضى الباجى وقال: لعله نبه بذلك على أن ذلك مشروع لطواف الورود. ومعناه عندى: أن يكون ذلك عبارةً عن نضارته (٢) وحُسْنِه وترجيله واستعارة لجماله. وقوله فى حديث الدجّال: " إنَّه أعور، وإن الله ليس بأعور " تنبيه على سَماتِ الحدث والنقص على الدجال وعلى تنزيه الربِّ جل اسمه عن النقائص، وأن من يعتريه النقائص وتحلُ به الآفات لا يستحق الربوبية، وأنه أوضح دليل على حدَثِه.

وقوله فيه: " أعور العين اليمنى " وهو المشهور، وفى رواية أخرى: " أعور العين اليسرى " وقد ذكرهما معاً مسلم آخر الكتاب وقوله: " كأنَّ عينَهُ عنبة طافية "، قال الإمام: قال الأخفش: طافيةٌ بغير همز، أى ممتلئة قد طفَّت وبرزت، قال غيره: " وطافئةٌ " بالهمز، أى قد ذهب ضوؤها وتقبَّضت.

قال القاضى: روايتنا فى هذا الحرف عن أكثر شيوخنا بغير همز وتفسيرها بما تقدَّم وهو الذى صحَّحه أكثرهم وأنها ناتئةٌ كنتوء حبَّة العنب من بين صواحبها، ووقع عند بعض شيوخنا مهموزاً، وأنكره بعضهم ولا وجه لإنكاره، وقد وصف فى الحديث أنه


(١) فى الأصل: الشعرة.
(٢) فى النسختين بالظاء، وهى لغة أهل نجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>