للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧٨ - (١٧٢) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ - وَهُوَ ابْنُ أَبِى سَلَمَةَ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَة؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِى عَنْ مَسْرَاىَ، فَسَأَلَتْنِى عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ ". قَالَ: " فَرَفَعَهُ اللهُ لِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِى عَنْ شَىءِ إِلَّا أَنْبَأتُهُمْ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى قَائمٌ يُصَلى، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ شَنُوءَةَ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهاً عُرْوَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِىُّ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِى نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلَامِ ".

ــ

فى الصحيح أنه لا يدخل مكة ولا المدينة، مع أنه فى رواية مالك لم يذكر طواف الدَّجال، وهو أثبت ممَّن رووا طوافه لما قلناه، وقد يقال: إن تحريم دخول المدينة عليه إنما هو زمن فتنته، وقد يحتج به من يجيز الطواف على الدابة وللمحمول بغير عُذرٍ، لما ذكر من طواف عيسى على مناكب رجلين. ومالك لا يجيزه إلا لعذر، وجوابه عن طواف النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الراحلة أن ذلك كان لعذر، ففى كتاب أبى داود أنه (١) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورد مكة وهو يشتكى .. " (٢) وساق الحديث، وقد يقال: لأنه كان يعلم الناس أمور حجهم فركب ليظهر لجميعهم، ولا يخفى عمله عليهم، كما أراهم صلاته على المنبر لئلا يخفى على جميعهم والله أعلم، ولقوله: " خذوا عنى مناسككم " (٣) و" صلوا كما رأيتمونى أصلى " (٤) ويُجابُ عنه فى قصة عيسى بأنها منام أو محتملة للمنام، أو أنه ليس فى الواجب، أو لعله لعذر، أو لأن شرع مَنْ قبلنا غير لازم لنا.

وقوله فى الحديث الآخر: " فإذا بموسى قائم يصلى " وذكر مثله عن عيسى وإبراهيم - عليهما السلام - وفى آخر كتاب مسلم بعد هذا: " مررت على موسى وهو قائم فى قبره


(١) فى الأصل: عنه.
(٢) ك المناسك، ب الطواف الواجب عن ابن عباس، ولفظه: " أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم مكة وهو يشتكى، فطاف على راحلته، كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلَّى ركعتين " ١/ ٤٣٤.
(٣) النسائى، ك المناسك، ب الركوب إلى الجمار، أحمد فى المسند ٣/ ٣١٨ بلفظ: " خذوا مناسككم " عن جابر.
(٤) البخارى فى صحيحه، ك الأذان، ب الأذان للمسافر، ك الأدب، ب رحمة الناس والبهائم، عن مالك ابن الحويرث.

<<  <  ج: ص:  >  >>