للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩٥ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفر، قَالَ: حَدَّثَنِى شُعْبَةُ عَنْ عَمْرو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى؛ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعٍ: " إِنَّ اللهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِى لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَرْفَعُ الْقِسْطَ وَيَخْفِضُهُ، ويُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ النَّهَارِ بَاللَّيْلِ، وَعَمَلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ ".

ــ

عن تخييله وتمثيله، وأعلمتهم أن العجز عن إدراكه إدراكٌ - كما قال الصِدّيق - قال اللهُ تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} (١)، وقال: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة} (٢) الآية.

وقوله: " يخفض القسط ويرفعُه، يُرفَع إليه عمل النهار بالليل وعملُ الليل بالنهار " وفى الرواية الأخرى: " عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار " قال الهروى: قال ابن قتيبة: القِسط الميزان، وسمى به لأن القسط العدل، وبالميزان يقع العدل فى القسمة فلذلك سمى به. والمراد أن الله يخفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة إليه ويوزن من أرزاقهم النازلة إليهم. قال الله تعالى: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُوم} (٣)، والقسط أراد الوزن خفض يده ورفعها، فهذا تمثيل لما يقدر، ثم يُنْزله، فشبَّه بوزن الوزَّان (٤). والقُسْطاس بضم القاف وكسرها: أقوم الموازين، وقال بعضهم: أراد بالقسْط الرزق الذى هو قسْطُ كل مخلوق، يخفضه فيقتّرهُ ويرفَعَهُ فيوسعه.


(١) الزمر: ٢٢. أى: هل يستوى هذا ومن هو قاسى القلب بعيدٌ عن الحق. ولهذا قال: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّه} أى فلا تلين عند ذكره. ابن كثير ٧/ ٨٤.
(٢) الضمير فى نوره فيه قولان:
أحدهما: أنه عائد إلى الله عز وجل، أى مثل هداه فى قلب المؤمن، (كمشكاة) قاله ابن عباس.
الثانى: أن الضمير عائد إلى المؤمن الذى دلَّ عليه سياق الكلام، تقديره: مثل نور المؤمن الذى فى قلبه كمشكاة، فشبه قلب المؤمن وما هو مفطور عليه من الهدى، وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه فشبه قلب المؤمن فى صفائه فى نفسه بالقنديل من الزجاج الشفاف الجوهرى، وما يستهديه من القرآن والشرع بالزيت الجيد الصافى المشرق المعتدل الذِى لا كدر فيه ولا انحراف.
فقوله: {كَمِشْكَاةٍ} قال ابن عباس ومجاهد ومحمد بن كعب وغير واحد: هو موضع الفتيلة من القنديل قال الحافظ ابن كثير: " هذا هو المشهور، ولهذا قال بعده: {فِيهَا مِصْبَاحٌ} وهو الذبالة الى تضىء ".
(٣) الحجر: ٢١.
(٤) فى ت: الوازن.

<<  <  ج: ص:  >  >>