للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبَّهُ مَا شَاء اللهُ منْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَىْ رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: أَليْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ، وَيْلَكَ يَابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَىْ رَبِّ، لا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ فَلا يَزَالُ يَدْعُو اللهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ اللهُ مَنْهُ، قَالَ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللهُ لَهُ: تَمَنَّهْ، فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنّى، حَتَّى إِنَّ اللهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِىُّ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ ".

قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ: وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ مَعَ أَبِى هُرَيرَةَ لا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا. حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ اللهَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: " وَمِثْلُهُ مَعَهُ ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا حَفِظْتُ إِلا قَوْلَهُ: " ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ أَنِّى حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: " ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ

ــ

صورته التى يعرفون فيقول أنا ربكم قال الإمام: يحتمل أن تأتيهم صورةٌ مخلوقة فيقول: أنا ربكم، على سبيل الاختبار والامتحان، فيقولون: نعوذ بالله منك، فيأتيهم الله فى صورته التى يعرفونها. الإتيان هنا عبارة عن رؤيتهم الله تعالى، وقد جرت العادة فى المحدثين أن من كان غائباً عن غيره فلا يمكنه التوصل إلى رؤيته إلا بإتيانٍ أو مَجىء، فعبَّر بالإتيان هاهنا والمجىء عن الرؤية على [سبيل] (١) المجاز.

وقوله: " فى صورته التى تعرفونها ": أحسن ما يتأول فيه أنها صورة اعتقاد، كما يقال: صورة اعتقادى فى هذا الأمر، والاعتقاد ليس بصورة مُركبةٍ، فيكون المعنى: يرون الله على ما كانوا يعتقدونه [فى الجائز] (٢) عليه من الصفات [التى هو عليها] (٣).

قال القاضى: وقيل: إن الإتيان هنا فعل من فعل الله، سماه إتياناً وصف نفسه به، قيل: ويحتمل أن يكون الإتيان المعهود فيما بيننا، جعله تعالى لغيره من ملائكتهِ فأضافه إلى نفسه كما يقول القائل: قطع الأمير اللص، وهو لم يَلِ ذلك بنفسه إنما أقر به، وهذا أشبه الوجوه عندى بالحديث مع ما يأتى بعده، ويكون هذا الملك هو الذى جاءهم فى الصورة التى أنكروها من سماتِ الحدث الظاهرة على الملك والمخلوق، أو يكون: " يأتيهم الله فى صورة "، أى يأتيهم بصورةٍ ويظهرها لهم من صور ملائكته أو مخلوقاته التى لا


(١): (٣) من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>