للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُسْأَلُ عَنِ الوُرُودِ. فَقَالَ: نَجِىءُ نَحْنُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنْ كَذَا وَكَذَا انْظُرْ أَىْ ذَلِكَ فَوْقَ النَّاسِ قَالَ: فَتُدْعَى الأُمَمُ بِأَوْثَانِهَا وَمَا كَانَتْ تَعْبُدُ، الأوَّلُ فَالأَوَّل. ثُمَّ يَأتِينَا رَبُّنَا بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ: مَنْ تَنْظُرُونَ؟ فَيَقُولونَ: نَنْظُرُ رَبَّنَا. فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولونَ: حَتَّى نَنْظُرَ إِليْكَ. فَيَتَجَلى لهُمْ يَضْحَكُ. قَالَ: فَيَنْطَلِقُ بِهِمْ وَيَتَّبِعُونَهُ، وَيُعْطَى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ، مُنَافِقٍ أَوْ مُؤْمِنٍ، نُورًا، ثُمَّ يَتَّبِعُونَهُ، وَعَلى جِسْرِ جَهَنَّمَ كَلالِيبُ وَحَسَكٌ، تَأخُذُ مَنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يَطْفَأُ نُورُ المُنَافِقِينَ، ثُمَّ يَنْجُو المُؤْمِنُونَ، فَتَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ وُجُوهُهُمْ كَالقَمَرِ ليْلةَ البَدْرِ، سَبْعُونَ أَلفًا لا يُحَاسَبُونَ، ثُمَّ الذِينَ يَلونَهُمْ كَأَضْوَأ نَجْمٍ فِى السَّمَاءِ، ثُمَّ كَذَلِكَ. تَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَشْفَعُونَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إِلا اللهُ، وَكَانَ فِى قَلبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةٌ؛ فَيُجْعَلونَ بِفَنَاءِ الجَنَّةِ، وَيَجْعَلُ أَهْلُ الجَنَّةِ يَرُشُّونَ عَليْهِمُ المَاءَ حَتَّى يَنْبُتُوا نَبَاتَ الشَّىْءِ فِى السَّيْلِ. وَيَذْهَبُ حُرَاقُهُ ثُمَّ يَسْأَلُ حَتَّى تُجْعَلَ لهُ الدُّنْيَا وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهَا مَعَهَا.

٣١٧ - (...) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: سَمِعَهُ مِنَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِهِ يَقُولُ: " إِنَّ الله يُخْرِجُ نَاسًا مِنَ النَّارِ فَيُدْخِلهُمُ الجَنَّةَ ".

ــ

وقوله: " كلاليب ": قال الإمام: هو جمع كَلُّوب على وزن فعُّول، مثل سَفّود، والحسك: جمع حسَكةٍ، وهى شوكةٌ حديدة صُلبَةٌ.

قال القاضى: والخطاطيف مثل الكلاليب، إلا أن واحدها خُطَّافٌ بضم الخاء.

وقوله فى الحديث: " وتحل الشفاعة " (١)، قال القاضى: مذهب أهل السنة جواز الشفاعة عقلاً ووجوبها بصريح قوله تعالى: {لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن} (٢) {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (٣) وأمثالها، وبخبر الصادق سَمْعاً، وقد جاءت الآثار التى بلغَت بمجموعها التواتُر بصحتها فى الآخرة لمذنبى المؤمنين، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها، ومنعت الخوارج وبعض المعتزلة منها، وتأولت الأحاديث الواردة فيها واعتصموا بمذاهبهم فى تخليد المذنبين فى النار واحتجوا بقوله: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (٤) وبقوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاع} (٥)، وهذه الآيات فى الكفار، وتأولوا أحاديث الشفاعة فى زيادة الدرجات وإجزال الثواب، وألفاظ الأحاديث التى فى الكتاب وغيره تدل على خلاف ما ذهبوا إليه، وأنها فى المذنبين وفى إخراج من استوجَبَ.

لكن الشفاعة بمجموعها على خمسة أقسام:


(١) لفظة الرواية: " ثم تحل الشفاعة ". حديث جابر من رواية أبى الزبير.
(٢) طه: ١٠٩.
(٣) الأنبياء: ٢٨.
(٤) المدثر: ٤٨.
(٥) غافر: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>