للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١٨ - (...) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَال: قُلْتُ لعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ يُخْرِجُ قَوْمًا مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ؟ " قَالَ: نَعَمْ.

٣١٩ - (...) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ سُليْمٍ العَنْبَرِىُّ، قَالَ: حَدَّثَنِى يَزِيدُ الفَقِيرُ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ؛ قَالَ: قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ قَوْمًا يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ يَحْتَرِقُونَ فِيهَا، إِلا دَارَاتِ وجُوهِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلونَ الجَنَّةَ ".

ــ

أولها: مختصةٌ بنبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهى الإراحةُ من هول الموقف وتعجيل الحساب، كما سيأتى بيانها عند ذكرها من الكتاب بعد هذا.

الثانية: فى إدخال قوم الجنة دون حساب، وهذه أيضاً وردت لنبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكرها مسلم وسَنُنَبَّه عليها فى موضعها.

الثالثة: قومٌ استوجبوا النارَ فيشفعُ فيهم نبينا ومن شاء الله له أن يشفع، و [سَنُنَبِّه] (١) على موضعها من الكتاب أيضاً.

الرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين، فقد جاء فى مجموع هذه الأحاديث إخراجهم من النار بشفاعة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم من المؤمنين، ثم يخرج الله كل من قال: لا إله إلا الله، كما جاء فى الحديث، حتى لا يبقى فيها إلا الكافرون ومن حبسه (٢) القرآنُ ووجَب عليه الخلود، كما جاء فى الحديث.

والشفاعة الخامسة: هى فى زيادة الدرجات فى الجنة لأهلها، وهذه لا ينكرها المعتزلة، ولا تنكر شفاعة الحشر الأولى، وعُرِف بالنقل المستفيض سؤال السلف الصالح لشفاعة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورغبتهم فيها، وعلى هذا لا يُلتفَتُ لقول من قال: إنه يُكره أن تسأل الله أن يرزقك شفاعة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنها لا تكونُ إلا للمذنبين، فإنها قد تكون - كما قدمنا - لتخفيف الحساب وزيادة الدرجات، ثم كل عاقل معترف بالتقصير محتاج إلى العفو غيرُ معتدٍّ بعمله مشفقٌ أن يكون من الهالكين، ويلزم هذا القائل ألا يدعو بالمغفرة والرحمة؛ لأنها لأصحاب الذنوب، وهذا كله خلاف ما عُرِفَ من دعاء السلف والخلف.

وقوله: " من وجدتُم فى قلبه مثقال ذرة من إيمان ومن خير " (٣) وأدنا أدنا، على ما وردت فى ألفاظ الأحاديث: قيل: من اليقين، والصحيح: أن معناه: شىء زائد على مجرد الإيمان؛ [لأن مجرد الإيمان] (٤) - الذى هو التصديق - لا يتجزأ، وإنما يكون هذا التجزؤ، لشىء زائد عليه من عمل صالح، أو ذكر خفىٍ، أو عمل من أعمال القلب، من


(١) ساقطة من ق.
(٢) كما جاء فى حديث أنس رواية قتادة.
(٣) حديث أبى سعيد رواية عطاء بن يسار (٣٠٢).
(٤) سقط من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>