للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٢٢ - (١٩٣) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الجَحْدَرِىُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الغُبَرِىُّ - وَاللفْظُ لأَبِى كَامِلٍ - قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ - وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ: فَيُلهَمُونَ لِذَلِكَ - فَيَقُولونَ: لوْ اسْتَشْفَعْنَا عَلى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا! قَالَ: فَيَأتُونَ آدَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو الخَلقِ، خَلقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَقُولُ: لسْتُ هُنَاكُمْ فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ التِى أَصَابَ، فَيَسْتَحْى رَبَّهُ مِنْهَا، وَلكِنِ ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ. قَالَ: فَيَأتُونَ نُوحًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَقُولُ: لسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ التى أَصَابَ فَيسْتَحْى رَبَّهُ مِنْهَا، وَلكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِى اتَّخَذَهُ اللهُ خَلِيلاً. فَيَأتُونَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ: لسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ التى أَصَابَ فَيَسْتَحْيى رَبَّهُ مِنْهَا، وَلكِنِ ائْتُوا مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذِى كَلَّمَهُ اللهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ. قَالَ: فَيَأتُونَ مُوسَى عَليْهِ السَّلامُ. فَيَقُولُ: لسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ التى أَصَابَ فَيَسْتَحْيى رَبَّهُ مِنْهَا، وَلكَنِ ائْتُوا عِيسَى رُوحَ اللهِ

ــ

وقوله فى حديث أنس الطويل فى الشفاعة تقدَّم معنى قوله: " خلقك بيده ". وقوله: " ونفخ فيك من روحه ": إضافة مِلكٍ وتخصيصٍ وتشريف، وذكر آدَم وغيره فى الحديث خطاياهُم.

قال الإمام: احتج بها من أجاز الصغائر على الأنبياء. قال القاضى: ولا خلاف أن الكفر عليهم من بعد النبوة غير جائز عليهم، وأنهم معصومون منه، واختلف فيه قبل النبوة، والصحيح: أنه لا يجوز - كما قدمناه قبل هذا، واحتججنا عليه.

ثم اختلف فى المعاصى، فلا خلاف أن كل كبيرة من الذنوب لا تجوز عليهم، وأنهم معصومون منها. واختلف مشايخنا وغيرهم هل ذلك من طريق العقل أو الشرع؟ فذهب الأستاذ أبو إسحاق (١) ومن تبعه: أن ذلك ممتنع، من مقتضى دليل المعجزة. وذهب القاضى أبو بكر (٢) فيمن وافقه: أن ذلك من طريق الإجماع. وذهبت المعتزلة إلى أن ذلك من طريق العقل ونفور الناس عنهم لذلك.


(١) الأستاذ أبو إسحاق هو: إبراهيم بن محمد الإسفرايينى، الأصولى، الشافعىُّ، الملقبُ ركن الدين، أحد المجتهدين فى عصره، قال فيه الحاكم: أصولى، فقيه، متكلم. توفى بنيسابور سنة ثمانى عشرة وأربعمائة. طبقات السبكى ٤/ ٢٥٦، سير ١٧/ ٣٥٣.
(٢) ابن فورَك، شيخ المتكلمين، محمد بن الحسن، قال فيه الذهبى: كان أشعرياً رأساً فى فن الكلام، توفى سنة ست وأربعمائة. طبقات السبكى ٤/ ١٢٧، شذرات الذهب ٣/ ١٨١، سير ١٧/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>