للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ: " سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ ".

٣٧٢ - (...) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا حَاجِبُ ابْنُ عُمَرَ أَبُو خُشَيْنَةَ الثَّقَفِىُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَم بْنُ الأعْرَجِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أمَّتِى سَبْعُونَ ألْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ " قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ".

ــ

قضاءه ماض، واتباعُ سُنة نبيه فى السّعى فيما لابُدَّ منه من مَطْعَم ومشرب والتحرز من العدو، كما فعل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفعَله الأنبياء. فقد نصَّ (١) الله تعالى عنهم الخوف والكسبَ والتحرز عن عداهم، وعن نبينا مثله فى ادّخارِ قوت سنته (٢) وتطبُّبه (٣)، وفعل ذلك جَلةُّ أصحابه، وهذا اختيار الطبرى وعامة الفقهاء، والأول مذهب بعض المتصوِّفة وأصحاب علم القلوب والإرشادات، وذهب (٤) المحققون منهم إلى نحو مذهب الجمهور، ولكن لا يصح عندهم اسم التوكل مع الالتفات والطمأنينة إلى الأسباب، بل فعل الأسباب سنةُ الله وحكمته، والثقة أنه لا يجلبُ نفعًا ولا يدفع ضرًا سبب ولا أحَدٌ والكل من الله وحده.

وقوله فى عُكاشة: " يَرْفَعُ نَمِرةً عليه " (٥): النمرة: كساء فيه مواضعُ سود وحُمْرٌ وبيض يشبه لون جلد النَمِر.

وقوله: " سبقَك بها عُكَّاشة ": هو مشدَّد الكاف، قيل: إن السَّائل للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يدعو له أن يكون منهم بعد عكَّاشة لم يكن عند النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ممن يستحق ذلك، ولا من أهل تلك الدرجة والصفة الموصوفة كما كان عكاشة، وقيل: بل كان منافقًا فأجابه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما (٦) كان عليه من حسن العشرة وجميل الصُحْبة بكلام مُحتملٍ ولفظ مشتركٍ، فهو من باب المعاريض الجائزة، ولم يرَ التصريح له بأنك لست منهم ولا مستحقًا لتلك المنزلة،


(١) النصُّ: رفعُ الشىء. لسان العرب.
(٢) يعنى بذلك ما أخرجه البخارى فى صحيحه عن عمر - رضى الله عنه - أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يبيعُ نخل بنى النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم. ك النفقات، ب حبس الرجل قوت سنة على أهله.
(٣) من ذلك قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجه وأحمد عن أسامة بن شريك قال: كنتُ عند النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجاءت الأعراب، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: " نعم يا عباد الله، تداوَوْا، فإن الله عزَّ وجلَّ لم يَضَعْ داء إلا وضَعَ له شفاءً غيرَ داءٍ واحدٍ " قالوا: ما هو؟ قال " الهَرَمُ " أبو داود فى أول الطب، والترمذى فى الطب، ب ما جاء فى الدواء والحث علَيه، وقال فيه: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد فى المسند ٤/ ٢٧٨.
(٤) فى الأصل ومذهب.
(٥) يضعف هذا قوله فى الرواية الأخرى المتفق عليها: " ثم قام رجلٌ من الأنصار ".
(٦) فى الأصل: لما.

<<  <  ج: ص:  >  >>