للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوء، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، إِلَّا لَيُذَادَنَّ رِجَالاً عَنْ حَوْضِى كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ: أَلا هَلُمَّ. فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا ".

ــ

وقوله [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (١): " وأنا فرطُهم على الحوض "، قال الإمام: قال الهروى: يقول: أنا أتقدّمهم إليه (٢)، يقالُ: فرطتُ القوم إذا تقدمتهم لترتاد لهم الماء وتهيئَ لهم الدِّلاء والرشاء، وافترط فلانٌ ابناً له، أى تقدم له ابنٌ، وفى الحديث: " أنا والنبيون فراط القاصفين " [أى متقدمون فى الشفاعة، قال ابن الأنبارى فى قوله: " لقاصفين "] (٣) يعنى: لقوم كثير متدافعين مُزدَحمين، وقيل: فُرَّاط إلى الحوض، ويقال: فرَط إلىَّ منه (٤) كلامٌ قبيح، أى تقدم، ومنه قوله [سبحانه] (٥) وتعالى: {أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا} (٦) وفى حديث أم سلمة: قالت لعائشة: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاك (٧) عن الفرَطَ فى الدين (٨)، قال القتبى: الفرَطُ السبق والتقدَّم.

وقوله: " إِلَّا ليُذادَنَّ رجالٌ عن حوضِى "، قال القاضى: كذا رويناه فى كتاب مسلم بغير خلافٍ فى حديث إسماعيل بن جعفر، وفى حديث مالك: " فليُذَادّنَ "، وفى الموطأ وغيره من حديث مالك: " فليُذَادَنَّ " (٩) و: " فلا يُذادَنَّ " (١٠)، والروايتان معاً صحيحتان، واختلف رواة مالك عنه فى هذا الحرف وأكثرهم يقولُ عنه: " فلا يُذادَنَ ".

قال الإمام: وقع فى بعض طرق هذا الحديث: " فلا يُذادَنَّ " على جهة النهى، ومعناه على هذا: [لا يفعلون فعلاً يكون] (١١) سبباً لذودِهم عن حوض (١٢) وأكثر الروايات: " فليُذادَنَّ " (١٣) بلام التأكيد. قال القاضى: ويصحح رواية: " فلا يُذادنَّ " حديث


(١) من المعلم.
(٢) فى ت: عليه.
(٣) سقط من الأصل.
(٤) فى المعلم: منه إلىّ.
(٥) من المعلم.
(٦) طه: ٤٥.
(٧) فى المعلم: نهى.
(٨) المناسب لهذا السياق ما أخرجه أحمد من حديث ابن عباس عن عائشة: " وأنا فرَط أمتى لم يصابوا بمثلى " ١/ ٣٣٥، وما ذكره الإمام لم نقف عليه.
(٩) و (١٠) هى رواية يحيى الثانية وتابعه عليها مطرف. قال ابن عبد البر: وقد خرَّج بعض شيوخنا معنى لرواية يحيى ومن تابعه، أى لا يفعل أحدٌ فعلاً يطرد به عن حوضى، وقد أخرج البخارى من حديث سهل بن سهد ما يقوى هذا المعنى وهى: " وليردنَّ على الحوض قومٌ أعرفهم ويعرفوننى، ثم يحال بينى وبينهم " التمهيد ٢٠/ ٢٥٧، المنتقى ١/ ٧٠.
(١١) فى المعلم: إِلَّا يفعلوا ما يكون.
(١٢) فى المعلم: عن حوضى.
(١٣) فى المعلم: ليذادن ومعناه: فليبعدَنَّ وليُطْرَدنَّ. قال زهير:
ومن لا يذُدْ عن حوضِه بسلاحِه ... يُهَّدمْ ومن لا يظلِم الناسَ يُظْلَم
وهذه اللفظة - " فليذادن " - هى رواية ابن القاسم وابن وهب وأكثر رواة الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>