للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَاوَرْدِىَّ. ح وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِىُّ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، جَمِيعًا، عَنْ الْعَلاء بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ فَقَالَ: " السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ " بِمِثْلِ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ. غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ: " فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِى ".

ــ

سهل بن سعد عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعناه، وفيه: " فلا يرِدَنَّ علىَّ أقوامٌ أعرِفُهم ويعرفوننى، ثم يحال بينى وبينهم ". وهذا مثل قوله تعالى: {فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (١): أى لا تفعلا فعلاً يخرَجنَّكما.

وقوله: " أناديهم: إِلَّا هَلُمَ، فيقال: إنهم قد بدَّلوا ": قال الباجى: يحتمل أَنَّ المنافقين والمرتدّين وكل من توضأ [منهم مسلماً] (٢)، أنه يُحشرُ بالغُرَّةِ والتحجيل فلأجلها دعاهم، ولو لم يكن [السيما إِلَّا للمؤمنين لما دعاهم] (٣)، ولما ظنَّ أنهم منهم، قال: ويحتمل أن يكون ذلك لمن رأى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبدَّل بعدَه وارتد، فدعاهُم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلمِه بِهمْ أيام حياته وإظهارهم الإسلام، وإن لم يكن لهم يومئذ غرة ولا تحجيل، لكن لكونهم عنده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيام حياته وصحبته باسم الإسلام وظاهره. والأول أظهر، فقد دلَّت الآثار عند غير هذا بتستر المنافقين ومن كان فى غمار المؤمنين بجملتهم، ودخولهم فيهم فى العرض والحشر حتى يميَّز الله الخبيث من الطيب، وأن نور المنافقين يُطفأ عند الحاجة، فكما جعل الله لهم نوراً بظاهر إيمانهم ليغترّوا به حتى يطفأ عند حاجتهم على الصِراط، كذلك لا يبعد أن يكون لهم هنا غرَّةٌ وتحجيل حتى يُذادوا عد حاجتهم إلى الورود، نكالاً من الله ومكراً بهم ليزدادوا خَسيفةً ويحققوا مقدار ما فاتهم حين ذُهب بهم عنهم، وحين قال لهم: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} (٤) {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُون} (٥). قال الداودى ليس [فى هذا ما يُحتَم] (٦) به للمذادين بدخول النار، فيحتمل (٧) أن يذادوا وقتاً فتلحقهم شدةٌ ثم يتلافاهم (٨) الله برحمته، ويقول لهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا (٩) ثم يشفع لهم، كأنه جعلهم فى


(١) طه: ١١٧.
(٢) من المنتقى.
(٣) عبارة المنتقى: ولو لم يكن سيماهم سيما المسلمين لما دعاهم ١/ ٧٠.
(٤) الحديد: ١٣.
(٥) الأعراف: ٩٩، وجاءت فى الأصول: إنه لا يأمن.
(٦) فى الأصل: ليس هذا مما يحتُم.
(٧) نقلها الباجى: ليس هذا مما يختم به للمذادين عنه بدخول النار، لأنه يحتمل.
(٨) نقلها الباجى: يتوفاهم. المنتقى ١/ ٧٠.
(٩) أى سحقاً، كما ذكر الباجى.

<<  <  ج: ص:  >  >>