للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نثرها ويجمع، والقواطع عن الإجابة تقطع، وشغل المحبة التى طوَّقت عُنُق الإنسان تمنع (١)، والرجاء لوقت فراغ ذلك يُشوّفُ ويُطمِع، إلى أن منَّ الله بإحسانه بحل تلك القلادة وزوالها، وفرَّغ البال من عهودها الفادحة وإشغالها، فتوَّجَه الأمر وانقطع العذر، وانبعثت هِمَّةُ العبدِ الفقير بمعونة مولاه وتوفيقه إلى الإجابة، راغبةً لمولاها جل اسمه فى المعونة وتوخى الإصابة، ثم تردَّدْتُ فى عمله، ورأيت أن إفراد كتابٍ لذلك يقطع عن الكتاب " المُعْلِم " وما ضمَّنه غير موف بالغرض، وإن تأليف كتاب جامع لشرحه لا معنَى له، مع ما قد تقرَّر فى " المُعلم " من فوائد جمَّة لا تُضاهى، ونكت مُتْقَنَةٍ، وقف عندها حسن التأليف وتناهى، فيأتى الكلامُ فى ذلك ثانيةً غير [مُفاد] (٢) وكالحديث المعاد، فاستتبَّ الرأىُ بعد استخارة الله تعالى وسلوك سبيل العدل والإنصاف، أن يكون ما يذكر من ذلك كالتذييل لتمامه والصلة لإكمال كلامه، فنبدأ بما قاله (٣) - رضى الله عنه - ونضيفُ إليه ما استتبَّ وتوالى، فإذا جاءت الزيادة فصَّلناها بالإضافة إلينا إلى أن [ننتهى منها] (٤)، ثم عطفنا على سوق ما يليه من قوله، ويتطاردُ الكلام الكلام (٥) بيننا [نُوباً] (٦) بقوة الله وحوله.

وكان فى " المُعْلِم " تقديم وتأخير عن ترتيب كتاب مسلم، فسقناه مساق الأصل، ونظمنا فصوله على الولاء فصلاً بعد فصل، وأنا أتبرأ [لقارئه] (٧) من التعاطى لما لم أحط به علماً، والإغفال عما لا ينفك عنه البشر سهواً ووهماً، وأرغب لمن حقق فيه خللاً أن يصلحه، أو وجد فيه مُغْفلاً أن يبينه ويُفْصِحَه، أو رأى فيه متأولاً (٨) [أن يُحسن] (٩) تأويله، أو ألفى فيه محتملاً أن يُوضح دليله. وقد أخذت [الكتاب] (١٠) ضِممه، على وفقة تشهد بالإنصاف والاعتراف لذى السبق بسبقه.

ووسمته بكتاب " إكمال المعلم بفوائد مسلم "، وتحريت فيه بجهدى (١١) الصوابَ بفضل الله المنعم، وأودعته من الغرائب والعجائب ما يعرفُ قدره كل معتنٍ بها مُتهمّم، ومن الحقائق والدقائق ما ينير كُل مبهم، وتسير مع كل مُنْجِدِ ومُتْهِم (١٢). وإلى الله


(١) فى الأصل: مهتع، والمثبت من ت. ويعنى بذلك -رحمه الله- أن مكانة الإمام فى نفسه تمنع من أن يتجرأ على مساماته فى إتمام عمله.
(٢) ساقطة من أصل ت.
(٣) فى الأصل: قال.
(٤) فى ت: منتهاها.
(٥) فى ت: بغير تكرار، وعلق عليها بسهم بقوله: هكذا.
(٦) و (٧) من ت.
(٨) فى ت: تأويلاً، وكررت أسفلها بآخر الصحيفة: متأولاً.
(٩) فى الأصل: أحسن، والمثبت من ت.
(١٠) مطموسة فى الأصل.
(١١) فى ت: جهدى.
(١٢) النجدُ من الأرض: قِفَافُها وصلابتُها، وما غَلُظَ منها وأشرف وارتفع واستوى. والتهمة: الأرض المتصوبةُ إلى البحر، والغور تهامة، وتهامة اسمُ مكةَ، والنازل فيها متهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>