للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٩ - (٢٦٤) وحدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: قلْتُ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتَ الزُّهْرِىَّ يَذْكُرُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ، عَنْ أَبِى أَيُّوبَ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلا غَائِطٍ، وَلكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا ". قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّام. فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ. فَنَنْحَرِفُ عَنْها وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

ــ

المكان والعظم لا يُنقى لملوسته وعقْدُ ما يجزى الاستنجاء (١) [عندنا] (٢) به كلُ منقٍ طاهر ليس بمطعوم ولا ذى حُرمةٍ، فقولنا: مُنقٍ احتراز من العظم والزجاج، وقولنا: طاهر احترازًا من النجس، وقولنا: ليس بمطعوم احترازًا من الأطعمة، وقد يدخل فيه طعام الجن، وقولنا. ولا ذى حُرمةٍ احترازًا من حيطان المساجد وشبه ذلك، وقد شذَّ بعض الفقهاء ولم ير الاستنجاء بالماء العذب، [وهو إنما بنى] (٣) على أنه طعام عنده والاستنجاء بالطعام ممنوع.

قال القاضى: زاد بعض شيوخنا فى صفة المستنجى به إِلَّا يكون سَرَفًا، احترازًا من الجواهر النفيسة، وأن يكون منفصلاً، احترازًا من يد نفسه، وأن يكون جامدًا؛ لأن به يقع التجفيف، ولأن الشىء الرطبَ والخرقةَ المبتلة أو الحجر المبتل وإن قلع النجوَ وأزاله، فإنه خرج عن حَدِّ المسح ولم يبلغ درجةَ الغُسل فخرج عن بابه، ولأن بما فيه من رطوبة ينشر النجاسةَ عن محلها، ووقع فى مسلم فى النهى عن الاستنجاء بالرجيع، وهى العذَرَةُ لنجاستها، والعلة فى ذلك ما تقدم من إدخالها بمباشرة رطوبة الموضع عليه نجاسةً خارجةً غير ضرورية، وكذلك ذكر فى الأم فى بعض الروايات، والرِّمَةِ وهى العظم البالى (٤)، وهى من معنى العظم. وعلل العظم بعللٍ، منها: ما جاء فى الحديث: أنه زاد الجن، ومنها: أنه من باب المطعومات وما له حرمةٌ إذ تؤكل فى الشدائد ويُتمشمسُ (٥) مع الاختيار، وأن الرّمَّة يريدُ بأنها تتفتت ولا تنقى، وقيل: لملوسة العظم وصقالته وأنه لا ينقى، وقيل: لأنه لا يُعْرى من بقية دسمٍ يبقى فيه يزيدُ المكان نجسًا. وفى بعض الأحاديث: " والحُمَمَةُ " وهى الفحم، والعلة فيها - أيضاً - ما جاء فى الأثر أنها من طعام الجن، ولأنه لا صلابةَ لأكثره، بل يتفتت عند الاستنجاء به والضغط له ولا يقلع


(١) فى ت: الاستجمار.
(٢) من المعلم.
(٣) فى المعلم: وهذا إنما هو بناء.
(٤) الأم ١/ ٢٢.
(٥) فى ت: وينشههلى، وهى غير مفهومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>