للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٨ - (٢٦٣) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: نَهَى رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بِبَعَرٍ.

ــ

أحسن، ومن لا، فلا حرج " (١).

وقوله: " ثلاثة أحجار ": تعلق داود بنص النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها أنه لا يجزئ الاستنجاء بغير الأحجار، وعامة العلماء على خلافِه، ولكن مالكًا وغيره يستحب الحجارة وما فى معنى الحجارة، وما هو من جنسها (٢). واستثناء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى النهى عن الاستنجاء بالعظم والروثة وما خَصَّه مما نصَّ عليه يقابل تعلقهُم بتخصيص اسم الحجارة، ولأن تعلق الحكم بالاسم لا يدُلُ على أن ما عَداه بخلافه عند أكثر الأصوليين (٣)، وتعليله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند طرح الروثة بقوله: " إنها رِكسٌ " فبيَّن علَّتها، ولم يقل: إنها ليست بحجرٍ دَلّ أن لا اعتبار بالحجر نفسه، لكن ذكره الأحجار لأنها أكثر ما يوجد، ولأنه قد جاء فى حديث ابن عباس: " أو ثلاث حثَياتٍ من ترابٍ أو ثلاثةِ أعواد ".

وأما نهيه عن الاستجمار بالروثة والعظم والبعر، وفى رواية: " والرِّمَّةِ " قال الإمام: قيل فى علة منعه: لأجل أنه زادٌ للجن وعلفُ دوابِّهم، وقيل: لأن الروثة تزيد فى نجاسة


(١) أبو داود فى ك الطهارة، ب الاستتار فى الخلاء (٣٥). وأورده البيهقى فى معرفة السنن وقال: " فهذا وإن كان قد أخرجه أبو داود فى كتابه فليس بالقوى " ١/ ٨٦٨.
(٢) قال ابن عبد البر: قالت طائفة من أصحابنا: إن الأحجار تجزئ، وقال: قال مالك: تجوز الصلاة بغير الاستنجاء، والاستنجاء بالحجارة حسَنٌ، والماء أحبُّ إليه، وقال الأوزاعى: تجوز ثلاثة أحجار، والماء أطهر. الاستذكار ٢/ ٤٥.
(٣) تعلق الحكم بالاسم هو المسمى عند الأصوليين بمفهوم اللقب، ويعنون به دلالة تعليق الحكم على اسم جامد على نفى الحكم عما عداه، أو هو نفى الحكم عما لم يتناوله الاسم، كما ذهب العضد، ومثلوا له بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فى الغنم زكاة "، فهل يدل على من يأخذ به على عدم الزكاة فى غير الغنم؟
وجمهور العلماء على أن مفهوم اللقب ليس بحجة، وخالف فى ذلك الدقاق وحكاه عن بعض الشافعية ابنُ فورك، وحكاه السهيلى فى " نتائج الفكر " عن أبى بكر الصيرفى، ونقله أبو الخطاب الحنبلى فى التمهيد عن منصوص أحمد، قال: وبه قال مالك، وداود، وبعض الشافعية، ونقل القول به عن ابن خويز منداد، والباجى، وابن القصار، وحكى ابن برهان فى " الوجيز " التفصل عن بعض الشافعية.
ومن قال بعدم حجته استدل بأن ذلك يفضى إلى سد باب القياس، وعلى ذلك فالتنصيص على الأعيان الستة فى الربا يمنع جريانه فى غيرها.
راجع: إرشاد الفحول ٣٨٢، الإحكام للآمدى ٣/ ٩٥، شرح مختصر ابن الحاجب ٢/ ١٨٢ أصول الفقه ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>