واختلاف هؤلاء فيمن مسح على العمامة ثم نزعها كاختلافهم فيمن مسح على الخفين ثم نزعهما. وأما الذين لم يروا المسح على العمامة ولا على الخمار فعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، والشعبى، والنخعىُّ، وحماد بن أبى سليمان. وهو قول مالك، وأبى حنيفة، والشافعىِّ وأصحابهم. والحجة لمالك ومن قال بقوله ظاهر قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] ومن مسح على العمامة فلم يمسح برأسه، وقد أجمعوا أنه لا يجوز مسح الوجه فى التيمم على حائل دونه، فكذلك الرأس. والخطاب فى قوله: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} منه [النساء: ٤٣]، كالخطاب فى قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}. ولا وجه لما اعتلُّوا به من أن الرأس والرجلين ممسوحان، وأنه لما اتفقوا على المسح على الخفين، فكذلك العمامة؛ لأن الرجلين عند الجمهور مغسولتان، ولا يُجزئ المسح عليهما دون حائلٍ، وقد قام الدليلُ على وجوب الغسل لهُما، فلا معنى للاعتبار بغير ذلك. قال: فإن قيل: إن الرأس والرجلين يسقطان فى التيمم، فدلَّ على أنهما ممسوحان قيل له: وقد يسقطُ بدنُ الجُنب كله في التيمم، ولا يعتبر بذلك، فسقط ما اعتلوا به، فإن قيل: فهب أن الرِّجلين مغسولتان، هلا كان المسحُ على العمامةِ قياسًا عليهما فى الخفين؟ قيل له: قد أجمعوا على أن المسح على الخفين مأخوذ من طريق الأثرِ، لا من طريق القياس، ولو كان من طريق القياس لوجب القولُ بالمسح على القفازين، وعلى كُلِّ ما غيَّبَ الذراعين من غير عِلَّةٍ ولا ضرورةٍ، فدلَّ على أن المسح على الخفين خصوصٌ لا يقاسُ عليه ما كان فى معناه. الاستذكار ٢/ ٢٢٠، ٢٢١ بتصرف يسير. (١) الأم ١/ ٧٥.