للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - (٢٩٦) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْت أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ

ــ

بفور حيضتها فى الحديث المتقدم.

وكذلك اختلفوا متى يحلُّ وطؤها، بانقطاع الدم؟ وهو مذهب الكوفيين وإن لم تطهر، وإليه نحا بعض أصحابنا البغداديين، وأن الإمسَاك إلى أن تتطهر بالماء استحبابٌ، وتأوله على قول مالكٍ (١)، وقال ابن نافع من المدنيين: له وطؤها إذا احتاج وإن لم تتطهر بالماء، واحتجوا بقوله تعالى: {حَتَّى يَطهُرْن} (٢) فهى الغاية (٣) ومشهور المذهب وقول عامة السلف والفقهاء أنها لا توطأ حتى تغتسل لقوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} فقرن بالغايةِ وصفاً وشرْطاً لا بُدَّ منهُ (٤)، وقال الأوزاعى وأصحاب الحديث: إذا طهرَت وغسلت فرجها حلَّ وطؤها وإن لم تغتسل، وهو نحو القول الأول، أو لأنهم حملوا التطهر على اللغوى والذى بمعنى التنظيف وغسل الأَذَى، وقال آخرون: المراد به الطهارة الصغرى، فإذا توضأت حل له وطؤها وإن لم تتطهر، كما أمُرِ الجنبُ إِلا ينام حتى يتوضأ، وكذلك اختلفوا، هل على الواطئ فى الحيض كفارةً أم لا؟ فذهب ابن عباس إلى ما جاء فى الحديث: أنه يتصدَّق بدينار أونصف دينارٍ، وهو قول ابن حنبل، وعن ابن عباسٍ - أيضاً - فى أول الدم بدينار وفى آخره بنصفه (٥)، وقال النخعى وإسحاق والشافعى فى القديم: ونحوه للأوزاعى إِلا أنه جعل النصف لمن وطئها بعد انقطاع الدم (٦)، وقال الحسن: عليه ما على الواطئ فى رمضان، ونحوه لسعيد بن جبير قال: عتق رقبةٍ، وذهب مالك


(١) ما جاء فى الموطأ: وذكر مالكٌ أنه بلغه أن سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار سئلا عن الحائض، هل يصيبها زوجَها إذا رأت الطُّهرَ قبل أن تغتسل؟ فقالا: لا حتى تغتسل.
قال أبو عمر: قال مالك: وأكثر أهل المدينة: إذا انقطع عنها الدم لم يجز وطؤها حتى تغتسل، وبه قال الشافعى، والطبرى، ومحمد بن سلمة. المنتقى ١/ ١١٨، بداية المجتهد ١/ ٧٦.
(٢) البقرة: ٢٢٢.
(٣) يعنى أن ما بعد حتى بخلاف ما قبلها.
(٤) ولأن {تَطَهَّرْن} تفعَّلن، قال أبو عمر: وقد يقع التحريم بالشىء ولا يزول بزواله. كقوله تعالى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَه} [البقرة: ٢٣٠]، قال: وليس بنكاح الزوج تحل له حتى يطلقها الزوجُ وتعتدَّ منه. الاستذكار ٣/ ١٩٠.
(٥) الحديث أخرجه أبو داود فى السنن، ك الطهارة، ب فى إتيان الحائض، والترمذى فى الطهارة، ب الكفارة فى إتيان الحائض، والنسائى فى المجتبى ك الطهارة، ب ما يجب على من أتى حليلته فى حال حيضتها، وابن ماجه فى السنن، ك الطهارة، ب فى كفارة من أتى حائضاً، كما أخرجه أحمد فى المسند ١/ ٢٧٢، ٣٢٥، والدارمى فى السنن ١/ ٢٥٤.
(٦) وهو قول فرقة من أهل الحديث. الاستذكار ٣/ ١٨٨، ونقل عن الأوزاعى أن عليه التصدق بخمسى دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>