للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشافعى آخراً والكوفيين والليث ومعظم السلف والفقهاء: أنه لا كفارةَ عليه وليستغفر الله ويتوب إليه، والحديث عندهم مضطرب غير محفوظ (١).

قال الإمام: واختلف أهل العلم فى أقل الحيض الموجب لترك الصلاة (٢)، فمذهب مالك (٣): أن الدَّفعة من الدم حيض، ومذهب الشافعى (٤): يوم وليلة، فإذا انقطع قبل ذلك فليس بحيض، ومذهب أبى حنيفة كالشافعى، إِلا أنه يجعل حدَّ ذلك ثلاثة أيام (٥)، ومقتضى مذهبهما أن المرأة إذا رأت الدم كفَّت عن الصلاة، فإن بلغ إلى الحد الذى ذكروه لم يجب عليها قضاء، وإن انقَطع قبل ذلك قضت، وألزمنا المخالف أن يَقُول فى الاستبراء: إن الدَّفعة من الدم تجرى (٦) فيه كما قلنا: إن ذلك موجب لترك الصلاة. وقال الأبهرى من أصحابنا: القياس أن تكون الدفعةُ من الدم يعتدُ بها فى الاستبراء ويكون قرءاً، ولكن أخذنا بالاحتياط لبراءة الأرحام وصيانة الأنساب، وقد ذكر بعض الناس أَنَّ نساء الأكراد يحضن لمعةً أو دفعةً فقط (٧).

والحيّض ثلاثٌ: مبْتدأةٌ، ومعتادةٌ، ويائسةٌ، فأما المبتدأةُ [إذا رأته] (٨) فتمادى بها فقيل: تجلس خمسة عشر يوماً، وإن (٩) زاد على ذلك كانت مستحاضةٌ، وقيل: تترك الصلاةَ قدر أيام لداتِها [و] (١٠) قيل معناه: أترابها. وهل تستظهر على ذلك أم لا (١١)؟ فيه قولان، وأما المعتادة إذا زاد الدم على أيام حيضتها (١٢)، فقيل: تتم خمسة عشر يوماً، وقيل: تستطهر على أيامها ثم تغتسل وتُصلى.

والقول فى الحيض مبسوط فى كتب الفقهاء وليس هذا موضِع بسْطِه. وأما اليائسات إذا رأين دَماً فإنه لا يكون براءةً للأرحام، واختلف هل تترك له الصلاةُ والصيام؟ وسيأتى


(١) وحجَّتُهم فى ذلك اضطراب الحديث عن ابن عباس مرسلاً، وأن الذِّمم على البراءة لا يجب أن يثبُتَ فيها شىء لمسكن ولا غيره إِلا بدليلٍ لا مدفع فيه. قال ابن عبد البر: وذلك معدوم فى هذه المسألة، السابق.
(٢) لأن الواجب الاحتياط للصلاة، فلا تُتْرك إِلا بيقين لا شكَّ فيه، ولهذا نقل عن مالك وغيره من العلماء: لأن تُصلى المستحاضة وليس عليها ذلك خيرٌ من أن تدع الصلاةَ وهى واجبةُ عليها.
(٣) غير أنها لا تعتدُّ بها من طلاق. قال ابن عبد البر: كان مالك لا يوقِّتُ فى قليل الحيض ولا فى كثيره. الاستذكار ٣/ ٢٤١.
(٤) وبه قال أحمد بن حنبل، وهو قول عطاء بن أبى رباح والأوزاعى.
(٥) وهو قول محمد بن مسلمة.
(٦) فى المعلم: تجزئ.
(٧) ذكره الأوزاعى، ونقله ابن عبد البر قال: وعندنا امرأةٌ تحيضُ غُدْوةً وتطهرُ عشيَّةً. السابق ٣/ ٢٤٢.
(٨) فى المعلم: إذا رأت الدم.
(٩) فى المعلم: فإن.
(١٠) ليست فى المعلم.
(١١) الاستظهار - بالطاء المعجمة - هو أن ترى الحامل الدم فتجلس فى الشهر والشهرين قدر أيامها؛ لأن الحمل لا يظهر فى شهر ولا فى شهرين، وهذا قول مالك الرجوع إليه وهو الراجح فى المذهب. الموسوعة الفقهية ١٨/ ٢٩٩.
(١٢) فى المعلم: عادتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>