للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وثنائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه، وثناء الله فى كتابه عليه، وبعد الوهم والخطأ لقرب (١) النازلة وسماع الجواب، وفهم السائل الناقل، فارتفع الأمرُ إلى أعلا درجات غلبة الظن (٢) ولم يبق إِلا تجويزٌ يبعُد، وقد كان الصحابة ينتابون لسماع العلم من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويجزى بعضهم عن بعض، وما علمنا أحداً ولا بلغنا أن أحداً استثبت فيما سمعه [من] (٣) النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلا فيما مبتدأ الإسلام كحديث ضمام وغيره، وقد قال الله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُم} (٤)، والأكثر قادر على النفير والسماع بغير واسطة، وقد قال ضمام: " أنا رسول مَنْ ورائى " وقال لوفد عبد القيس: " وأخبروا بهنَّ من ورائكم " ونفذَتْ كتُبُه إلى عُمَّالِه وأمُم المسلمين ورُسُله فوقفوا عندها ولم يترجَّح أحد فى قبولها ولا أعملَ الراحلة فى تحقيقها.

قال الإمام: واختلف أصحابنا فى المذى، هل يجزى منه الاستجمار كالبول أو لابد من الماءِ؟ وقال: من فرق بينهما إنَّما رُخِّص فى ذلك فى الأحداث لأنها تعترى الإنسانَ غَلَبةً فى مواضع لا يتفق وجود الماء فيها ويشُق الصبرُ إلى وجوده، وهى - أيضاً - متكررةً، والمذى لا يتكررُ، ويكون غالباً مُكْتَسباً ففارق الحدث. واختلف القائلون بغَسْل الذكر (٥) من الوضوءِ (٦)، هل يجزئ أن يغسَل منه ما يُغسَلُ من البول؟ أو لا بد من غسل جميعه؟ والخلاف مبنى على الخلاف فى تعلق (٧) الحكم بأوّل الاسم أو بآخِره، لأن فى بعض الروايات: " يغسل ذكره "، واسم الذكر ينطلق على البعض والكل. واختُلِفَ - أيضاً - هل يفتقر إلى نيَّةٍ فى غسْل ذكره أم لا؟

قال القاضى: المذىُ هو الماء الرقيق - الذى يخرج عند الإنعاظ والملاعبة، وفيه وجهان؟ مَذْىٌ بالتخفيف ومذىٌّ بالتثقيل، والنضح المذكور فى هذا الحديث الغسلُ؛ بدليل قوله فى الرواية الأخرى: " فاغسل فرجك "، وهكذا رواه أكثر أصحاب الموطأ (٨).

وخرَّج مسلمٌ فى الباب حديث هارون بن سعيد الأيلى وأحمد بن عيسى عن ابن وهب قال: أخبرنى مخرمةُ بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباسٍ، وهو


(١) فى الأصل: لقربه، والمثبت من ت.
(٢) درجات الظن ظن، فالإشكال باق، والجواب يمنع أن علياً اكتفى بالظن، بل إنما عمل بالعلم، لما تقرر أن خبر الواحد المحتف بالقرائن يفيد العلم، وخبر المقداد من ذلك. حكاه الأبى ٢/ ٨٢.
(٣) ساقطة من الأصل، والمثبت من ت.
(٤) التوبة: ١٢٢.
(٥) المغنى ١/ ٢١٠، ٢١١.
(٦) فى المعلم: المذى.
(٧) فى المعلم: تعليق.
(٨) الموطأ ١/ ٤١، المنتقى ١/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>