للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلوا عَلىَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلى عَلىَّ صَلاةً صَلى اللهُ عَليْهِ بهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلوا اللهَ لِى الوَسِيلةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلةٌ فِى الجَنَّةِ لا تَنْبَغِى إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ. وَأَرجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِى الوَسِيلةَ حَلتْ لهُ الشَّفَاعَةُ ".

ــ

إذا قال: جُعلتُ فدَاك، زاد الثعالبى: الطبْقَلة، [إذا قال] (١): أطال الله بقاءك، والدَمْعَزَةَ، [إِذَا قالَ] (٢): أدام الله عزك، قال غيره: قال ابن الأنبارى: ومعنى (حىَّ) فى كلام العرب: هَلمَّ وأقبل، والمعنى: هلمُّوا إلى الصلاةِ وأقبلوا، وفتحت الياء من حىَّ لسكونها وسكون الياء التى قبلها، كما قالوا: ليْت، ومنه قول عبد الله بن مسعود - رضى الله عنه -: " إذا ذكر الصالحون فحىَّ هلاً بِعُمَر " معناه: أقبلوا على ذكر عمر - رضى الله عنه - قال: ومعنى حىَّ على الفلاح هَلمُّوا إلى الفوز، يقال: أفلح الرجلُ إذا فاز وأصاب خيراً، ومن ذلك الحديث الذى يروى " استفْلِحْنى برأيكَ معناه: فوَّزنى، قال لبيد:

اعْقلى إن كنتِ لما تعقلى ... ولقد أفلحَ من كان عقَلْ

معناه: ولقد فاز، وقيل: معنى " حىَّ على الفلاح ": هَلمُّوا إلى البقاء، أى أقبلوا على سبب البقاء فى الجنة، والفلحُ والفلاح عند العرب البقاء، قال الشاعر:

لكل همٍّ من الهموم سَعَهْ ... والمُسْىُ والصبح لا فلاح معه

أى: لا بقاء ولا خلود. [و] (٣) قال لبيدٌ:

لو كان حىٌّ مُدرِكَ الفلاحِ ... أدركه ملاعِبُ الرِماحِ

وقوله عز وجل: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٤) قيل: معناه: الفائزون، وقيل: الباقون فى الجنة، والفلحُ والفلاحُ - أيضاً - عند العرب: السَّحورُ.

قال القاضى: قوله: الحيْصَلةُ على قياس الحيعلة غير صحيح، بل الحيعلة تنطلق على " حى على الفلاح "، وعلى " حى على الصلاة "، وكلها حيعلة، ولو كان على قياسه فى الحيصَلة لكان الذى يقال فى " حى على الفلاح ": الحيفلة - بالفاء - وهذا لم يُقَل، وإنما الحيعَلةُ من قوله: حىَّ على كذا، فكيف وهو بابٌ مسموع لا يقاس عليه، وانظر قوله: جعفل، فى: جُعِلتُ فداك، لو كان على قياس الحيعلة، لقال: جعلف، إذ اللام مقدَّمة على الفاء، وَكذلك الطبقلة تكون اللام على القياس قبل الفاء والقاف.

وقوله: " سلوا لى الوسيلة "، قال القاضى: فسَّرها فى الحديث أنها منزلةٌ فى الجنة، قال أهل اللغة: الوسيلة: المنزلة عند الملك، وهى مشتقة - والله أعلم - من القرب، توسَّل الرجلُ للرجل بكذا إذا تقَرَّب إليه، وتوسَّل إلى ربه بطاعته تقَرَّب إليه بها.


(١) و (٢) فى المعلم: حكاية قول.
(٣) من المعلم.
(٤) البقرة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>