للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - (٣٨٥) حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ الثَّقَفِىُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسَافٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَالَ المُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنَ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. ثُمَّ قَالَ: حَىَّ عَلى الصَّلاةِ. قَالَ:

ــ

وفيه مع ما فى غيره من الأحاديث الترغيب فى الدعاء والذكر عند أذان المؤذن، وهى أحد مظان الإجابة، وفتح أبواب السماء، كما جاء فى الحديث.

وقوله: " فمن سأل لى الوسيلة حلت له الشفاعة ": قيل: معنى " حلت ": غشيته وحلت عليه، قال المهلبُ: والصوابُ أن يكون " حلت " بمعنى: وجبت، كما قال أهل اللغة: حَلَّ يحِلُّ وجب، وحل يحُلُّ نزل، ويحتمل أن هذا مخصوصٌ لمن فعَل ما حضَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه وأتى بذلك على وجهه وفى وقته وبإخلاصٍ وصدق نيَّةٍ، وكان بعض من رأينا من المحققين يقول هذا ومثله فى قوله: " من صلى علىَّ صلاةً صلى الله عليه عشراً " هو والله أعلم لمن صلى عليه مُحتسباً مخلصاً قاضياً حقه بذلك، إجلالاً لمكانه وحُباً فيه، لا لمن قصد بقوله ودعائه ذلك مجرد الثواب، أو رجاء الإجابة لدعائه بصلاته عليه والحظ لنفسه، وهذا فيه عندى نظر.

وقوله: " إذا قال المؤذن: الله أكبر، فقال أحَدُكم: الله أكبر ... " الحديث إلى قوله: " فإذا قال: لا إله إِلا اللهُ من قلبه دخل الجنة " لأن فى حكايته لما قال المؤذن من التوحيد والإعظام، والثناء على الله، والاستسلام لطاعته، وتفويض الأمور إليه بقوله عند الحيعلتين: لا حول ولا قوة إِلا بالله العلى العظيم، وإذ هى دعاء وترغيب لمن سمعها، فإجابتها لا تكون بلفظها بل بما يُطابقها من التسليم والانقياد، بخلاف إجابة غيرها من الثناء والتشهيدين بحكايتهما، وإذا حصل هذا للعبد فقد حاز حقيقة الإيمان وجماع الإسلام واستوجب الجنة، وكذلك مضمَّن الحديث الآخر فى القول عند أذان المؤذن: " رضيت بالله رباً ... " الحديث، ومثل هذا من التصريح بحقيقة الإيمان والاعتراف بقواعده.

واعلم أن الأذان كلماتٌ جامعةٌ لعقيدة الإيمان ومشتَمِلةٌ على نوعيه من العقليات والسمعيات، فابتدأ بإثبات الذات بقوله: " الله " وما تستحقه من الكمال والتنزيه عن أضدادها المضمَّنة تحت قولك: " الله أكبر "، فإن هذه اللفظة على قلة كلمها واختصار صيغتها مشعرةً بما قلناه لمتأمِّله، ثم صَرَّح بإثبات الوحدانية والإلهية ونفى ضِدَّها من الشركة

<<  <  ج: ص:  >  >>