للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالحديث (١). وقد اختلف العلماء فى الرفع فى الصلاة، والمعروف من عمل الصحابة ومذهب جماعة العلماء بأسرهم - إِلا الكوفيين - الرفع [فى الصلاة] (٢) عند الافتتاح وعند الركوع والرفع منه، وهى إحدى الروايات المشهورات عن مالكٍ، وعمل بها كثير من أصحابه ورووها عنه، وأنه آخر أقواله (٣)، وروى عنه لا رفع إِلا فى الافتتاح - وهى أشهر الروايات عنه (٤) - وهو مذهب الكوفيين على حديث ابن مسعود والبراء: " أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع يديه عند الإحرام مرةً لا يزيد عليها "، وفى رواية أخرى: " ثم لا يعود " (٥)، وروى عنه فى المختصر الرفع فى موضعين عند الافتتاح وعند الرفع من الركوع على ما ذكر فى حديث ابن عمر فى موطئه من رواية جماعة من رواة الموطأ لم يذكروا فيه الرفع عند الركوع، وجماعة من الرواة ذكروه، وروى عنه: " لا رفع فى أول الصلاة ولا فى شىء منها "، ذكره ابن شعبان وابن خويزمنداد وابن القصار، وهى أضعف الروايات عنه (٦)، وتأولها بعضهم على تضعيفه الرفع فى المدونة، وهذا على ظاهر ما جاء فى بعض روايات أحاديث ابن مسعود: " أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه فى أول الصلاة ثم لم يَعُدْ "، على أن هذا يحتمل عندى ما هو أظهر من الرفع أول الصلاة، ثم لم يَعُد له أثناءها، كما جاء فى الرواية الأخرى مفسرًا، وذهب ابن وهبٍ من أصحابنا إلى الرفع عند القيام من اثنتين، وقد خرَّجه البخارى فى حديث ابن عُمر " وإذا قام من الركعتين رفع يديه " (٧)، وذكر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك، وذكره أبو داود فى حديث أبى حميد الساعدى فى عشرة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى عن بعض أهل الحديث الرفع عند السجود والرفع منه، وقد جاءت بذلك آثارٌ لا تثبت.

وليس هذا الرفع بواجب ولا شىء منه عند العلماء إِلا داود فأوجبه عند تكبيرة الإحرام،


(١) السابق ٩/ ٢١٦، ثم قال: ورواه عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما رواه ابن عمر ثلاثة عشر رجلاً من الصحابة، ولم يرو عن أحد من الصحابة ترك الرفع عند كل خفض ورفع من لم يختلف عنه فيه، إِلا عبد الله بن مسعود وحده.
(٢) سقط من الأصل، والمثبت من ت.
(٣) قال أبو عمر: قال جماعة من أهل العلم: إن إسقاط ذكر الرفع عند الانحطاط إما أتى من مالك، وهو الذى كان ربما وهم فيه؛ لأن جماعة حفاظًا رووا عنه الوجهين جميعًا. السابق ٩/ ٢١٢.
(٤) راجع: المدونة الكبرى ١/ ٦٨.
(٥) قلت. وروى الكوفيون عنه - رضى الله عنه - مثل ذلك وبه أحذ أبو حنيفة، والثورى، وروى المدنيون عنه الرفع من حديث عبيد الله بن أبى رافع عنه، وكذلك اختلف عن أبى هريرة، فروى عنه نعيم المجمر، وأبو جعفر القارى أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وروى عنه عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أنه كان يرفع يديه إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.
قال أبو عمر: ورواية الأعرج مفسرة، ورواية نعيم مجملة محتملة للتأويل. التمهيد ٩/ ٢١٦.
(٦) قال ابن خويز منداد: اختلفت الرواية عن مالك فى رفع اليدين فى الصلاة، فمرة قال: يرفعُ فى كل خفضٍ ورفع، على حديث ابن عمر، ومرةً قال: لا يرفع إِلا فى تكبيرة الإحرام، ومرة قال: لا يرفع أصلاً. قال. والذى عليه أصحابنا: أن الرفع عند الإحرام لا غير.
(٧) البخارى فى صحيحه، ك الصلاة، ب رفع اليدين إذا قام من الركعتين ١/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>