للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وخالفه بعض أصحابه فلم يوجبوه، وقال بعضهم: هو واجبٌ كله (١)، قال بعض المتكلمين: كان شرع الرفع فى أركان الصَّلاةِ أولاً علامةً للاستسلام (٢) لقرب عهدهم بالجاهلية والإبائة (٣) عن الإسلام، فلما أنسوا بذلك واطمأنت قلوبهم خفف عنهم وأبقى فى أول الصلاة علامة على الدخول فيها لمن لا يَسمعُ التكبير.

وقوله: " حتى يحاذى منكبيه " (٤) وفى الحديث الآخر: " حتى يحاذى بهما أذنيه " (٥) وفى الآخر: " فروع أذنيه " (٦) وفى غير كتاب مسلم: " فوق أذنيه مَدًّا مع رأسه " (٧) وفى رواية أخرى: " إلى صدره " (٨)، وبحسب هذه الأحاديث اختلف العلماء فى الاختيار من فعلها، فذهب عامة أئمة الفتوى على الحديث الأول: " يرفعها حذو منكبيه "، وهو أصح قولى مالك وأشهره، والرواية الأخرى عنه: " إلى صدره "، وذهب ابن حبيب إلى رفعهما حذو أذنيه.

وقد يجمع بين الأحاديث وبين الروايتين عن مالك بأن يكون مقابله أعلى صدره، وكفاه حذو منكبيه، وأطراف أصابعهما مع أذنيه، وإلى هذا ذهب بعض مشايخنا (٩) ونحوه للشافعى إِلا ذكر الصدر (١٠)، وهو صفة ما جاء فى الحديث، وتجتمع الأحاديث إِلا فى زيادة الرواية الأخرى " فوق رأسه "، وقال بعضهم: هو على التوسعة، وذهب الطحاوى إلى أن اختلاف الآثار لاختلاف الحالات. وكما جاءت بها الروايات، فإلى صدره وحذو منكبيه أيام البرد وأيديهم تحت أكسيتهم - كما جاء فى الأثر - (١١) ومع آذانهم وفوق رؤوسهم عند إخراجها. " وفروع أذنيه ": أى أعاليها، وفرع كل شىء أعلاه، وقد روى عن ابن عمر أنه كان يرفَعُ فى الإحرامِ حذو منكبيه وفى غيره دون ذلك (١٢).


(١) المحلى ٣/ ٢٣٥.
(٢) وقال أبو عمر: إنه خضوع واستكانة واستسلام وزينة الصلاة، وابتهال وتعظيم لله تعالى، واتباع لسنة رسوله - عليه السلام. قال: وقال عقبة بن عامر: بكل إشارة عشر حسناتٍ، بكل إصبع حسنة. التمهيد ٩/ ٢٢٥، الاستذكار ٤/ ٩٧، ٩٨.
(٣) فى الأصل: والإبانة، والمثبت من ت.
(٤) المنكب: هو مجمع عظم العضد والكتف.
(٥) سيأتى برقم (٣٩١/ ٢٥) بالباب.
(٦) سيأتى برقم (٣٩١/ ٢٦) بالباب. وأخرجه الطبرانى فى الكبير عن طريق حماد بن سلمة عن قتادة ١٩/ ٢٨٤.
(٧) غاية ما وقفت عليه فى هذه الرواية هو فيما أخرجه عبد الرزاق فى المصنف عن طاووس أنه قال: التكبيرة الأولى التى للاستفتاح باليدين أرفع مما سواهما من التكبير، قال: حتى يخلف بها الرأس، قال ابن جريج: رأيت أنا ابن طاووس يخلف بيديه رأسه.
وعن ابن جريج قال: قد بلغنى عن عثمان أنه كان يخلف بيديه أذنيه ٢/ ٧٠.
(٨) و (٩) المنتقى ١/ ١٤٣.
(١٠) الأم ١/ ١٠٤.
(١١) يعنى به - والله أعلم - ما أخرجه أبو داود عن أبى وائل بن حُجر قال: صلَّيتُ مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان إذا كبَّر رفع يديه، قال: ثُمَّ التحفَ، ثم أخذ شمالَه بيمينه، وأدخَل يديه فى ثوبهِ، قال: فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع رفع يديه ثم سجد، ووضع وجهه بين كفيه، وإذا رفع رأسهُ من السجود - أيضًا - رفع يديه حتى فرغ من صلاته. أبواب تفريع استفتاح الصلاة، ب رفع اليدين فى الصلاة ١/ ١٦٦.
(١٢) راجع: المصنف لعبد الرزاق ٢/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>