ثم قال الشيخ ابن الصلاح، بعد أن أضاف إلى تعاريف الشيخين للحسن تعريفَ ابن الجوزى له بأنه الحديث الذى فيه ضعفٌ قريب محتملٌ ويصلح للعمل به، قال. كل ذلك مستبهمٌ لا يشفى الغليل، وليس فيما ذكره الترمذى والخطابى ما يفصل الحسن من الصحيح، وقد أمعنت النظر فى ذلك والبحث جامعاً بين أطراف كلامهم، ملاحظاً مواقع استعمالهم، فتنقح واتضح أن الحديث الحسن قسمان: أحدهما: الحديث الذى لا يخلو رجالُ إسناده من مستورٍ لم تحقق أهليته، غير أنه ليس مُغَفَّلاً كثير الخطأ فيما يرويه، ولا هو متهم بالكذب فى الحديث، أى لم يظهر منه تعمّدُ الكذب فى الحديث، ولا سبب آخر مفسق، ويكون متن الحديث مع ذلك قد عُرف بأن رُوى مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر، حتى اعتضد بمتابعة من تابعَ راويه على مثله، أو بما له من شاهد، وهو ورودُ حديثٍ آخر بنحوه، فخرج بذلك عن أن يكون شاذاً ومنكراً. قال: وكلام الترمذى على هذا القسم يتنزَّل. القسم الثانى: أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح، لكونه يقصرُ عنهم فى الحفظ والإتقان، وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يُعَد ما ينفرد به من حديثه منكراً. ويُعتبر فى كل هذا، مع سلامة الحديث من أن يكون شاذاً ومنكراً، سلامتُه من أن يكون معلَّلاً. قال: وعلى القسم الثانى يتنزل كلامُ الخطابى. وكأن الترمذى ذكر أحد نوعى الحسن، وذكر الخطابى النوع الآخر، مقتصراً كل واحدٍ منهما على ما رأى أنه يُشكل، مُعرِضاً عما رأى أنه لا يُشكل، أو أنه غفل عن البعض وذهل. المقدمة: ١٠٥. قال بدر الدين بن جماعة: ولو قيل: الحسن كل حديث خال من العلل، فى سنده المتصل مستور له به شاهد، أو مشهورٌ قاصر عن درجة الإتقان، لكان أجمع لما فى حدوده وقريباً مما حاولوه وأخصر منه. المنهل ١/ ١٣٦. وقد أورد الطيبى على هذا التعريف فى الخلاصة، إيرادات، خلص منها إلى تعريف له آخر فقال: فلو قيل: هو مسندُ مَنْ قَرُب من درجة الثقة أو مرسل ثقة، وروى كلاهما من غير وجه، وسلم عن شذوذ وعلة، لكان أجمع وأبعد من التعقيد. أهـ. الخلاصة: ٤٢. (١) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم. (٢) فى الأصل: رسم، والمثبت من ت. (٣) سقط من الأصل، والمثبت من ت. (٤) فى الأصل: ضلت.