للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الخَيْرَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِى صَلَاتِكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ

ــ

ذلك شيخى أبا الحسين الحافظ اللغوى، فقال: هو أقِرت كما رُوى، والباء فى الحديث بمعنى " مع "، أى أقُرِت مع البر والزكاة فصارت معهما مستوية وأحكامها واحدة، فهو بمعنى: قرنت.

وقوله: " فأرم القوم ": كذا رويناه بفتح الراء وتشديد الميم وهوالمعروف. قال الإمام: أى سكتوا ولم يجيبوا، يقال: أرمَّ القوم فهم مرمون، ويروى: فأزم ومعناه: يرجع إلى الأول وهو الإمساك عن الكلام أيضًا، ومنه: سميت الحمى أرماً.

وقوله: " لقد خفت أن تَبْكَعنى بها ": قال: معناه: أن تستقبلنى بها، يقال: بكعت الرجل بكعًا إذا استقبله بما يكره، وهو نحو (١) التبكيت.

قال القاضى: قال ابن الأعرابى: البكع: التبكيت فى الوجه، وهكذا روينا هذا الحرف عن جمهور شيوخنا، وكذا كان فى كتبهم وعند ابن ماهان: تنكتنى، بنون أولى وبعد الكاف المضمومة تاء باثنتين فوقها مضمومة بعدها نون ثانية. قال بعضهم: لعله تبكتنى [بها] (٢) بالباء بمعنى الأول، وقوله: " رهبت ": أى خفت، والرهب: الخوف. وقوله: " أقيموا صفوفكم ": أمر بإقامة الصفوف وهى من سنن الصلاة بلا خلاف. وقوله: " فإذا كبر فكبروا ": يقتضى أن تكبير المأموم لا يكون إِلا بعد تكبير الإمام لأنه جاء بفاء التعقيب وهو مذهب كافة العلماء ولا خلاف أنه لا يسبقه المأموم بالتكبير والسلام إِلا عند الشافعى (٣) ومن لا يرى ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، وأن الصواب فعل المأموم ذلك بعد، واختلفوا إذا فَعَلَهُ معه معًا، ولأصحابنا فيه قولان: الإجزاء وعدمه، وكذلك اتفقوا على أنه لا يسابقه بأفعاله وسائر أقواله فى الصلاة، ولا يفعلها معه معًا [و] (٤) أن السنة اتباعه فيها، واختلفوا فى إتباع المأموم الإمام فى أفعاله، هل يكون معه (٥)، فإذا شرع الإمام فى الركوع ركع بإثره ولم ينتظر تمام ركوعه، أم يكون بعده ولا يركع (٦) حتى يركع الإمام، ولا يرفع حتى يرفع، وهكذا فى سائر الأفعال، كما جاء فى هذا الحديث: " فإذا كبَّر وركع فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم ".

وعن مالك فى ذلك ثلاثة أقوال: هذان القولان، والقول الثالث: التفريق بين الاتباع فى القيام [من الركعتين] (٧) وبين سائر أفعال الصلاة، فيعمل معه سائر الأفعال


(١) فى ت: معنى.
(٢) ساقطة من ت.
(٣) الثابت عن الإمام الشافعى فى ذلك ما حكاه البويطى عنه قال: ولا يتبين لى أنَّ عليه الإعادة لقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما يخشى الذى يرفع رأسه قبل إمامه أن يجعل الله رأسه رأس حمار ". قال: فكرهت ذلك له من هذه الجهة، ولم آمره بإعادةٍ. معرفة ٣/ ٧.
(٤) زيادة أقتضاها السياق.
(٥) زيد بعدها فى ت: فإذا شرع الإمام فى أفعاله شرع معه.
(٦) فى جميع النسخ: ولا يرفع، والمثبت هو الصواب.
(٧) فى ت: بركعتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>