للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: " إِذَا صَلَّيْتُم فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ ليَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فَقُولُوا: آمِينَ. يُجبِكُمُ اللهُ، فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ " فَقَالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ،

ــ

إِلا القيام من الركعتين فلا يقوم حتى يستوى الإمام قائمًا ويكبر، وعلى القول الآخر يقوم بقيامه ولا ينتظر تكبيرة ولابد فى هذه الأقاويل من اقتدائه بالإمام وسبق الإمام له بأوَّل الفعل والقول.

وقوله: " فتلك (١) بتلك " إشارة إلى تحقيق ما تقدم من ترجيح أحد الأقوال وبيان الحكم [فيها] (٢) من أنه لا يركع المأموم ولا يسجد ولا يرفع حتى يفعل ذلك إمامُه، وتنبيه على أن الشىء الذى سبقه به إمامه من الركعة أو السجدة لم يفته مقدارها؛ لفعله هو إياه مدة انتظاره - أيضًا - برفع الإمام رأسه واعتداله، فقامت مقام ما سبقه به إمامه، وجاءت أفعاله بقدر أفعاله وسبقه له مطابقاً لتأنيه هو بعده، فتلك بتلك، وقيل: [معناه] (٣): فتلك الحالة من صلاتكم وأعمالكم إنما تصح بتلك الحالة من اتباعكم له واقتدائكم به، وقيل: هو راجع إلى قوله: " آمين " بعد قوله: " ولا الضالين "، و " ربنا ولك الحمد " بعد قوله: " سمع الله لمن حَمِدَه " أى تلك الكلمة أو الدعوة التى فى السورة معلقة بـ " آمين "، أو بـ " ربنا ولك الحمد " بتلك الأخرى لارتباط أحدهما (٤) بمعنى الأخرى.

وقوله: " وإذا قال: ولا الضالين، فقولوا: آمين، يُجْبكم الله ": قد تقدم للإمام أبى عبد الله عليه كلام قبل هذا، من اختلاف قول مالك فيها فى صلاة الجهر، ولم يختلف قوله ولا قول أصحابِه أنه يقولها فى صلاة السر، وسيأتى الكلام عليها بعد هذا حيث تجب، ومعنى قوله: " آمين ": استجب لنا، وقيل: معناه: كذلك نسأل الله لنا، والمعروف فيها المد وتخفيف الميم، وحكى ثعلب فيها القصر، وأنكره غيره، وقال: إنما جاء مقصورًا فى ضرورة الشعر، وقيل: هى كلمة عبرانية، عُربَت مبنية على الفتح، وقيل: بل هو اسم من أسماء الله، وقيل: معناه (٥): يآمين استجب لنا، والمدة مدة النداء عوض الياء، وحكى الداودى تشديد الميم مع المد، وقال: هى لغة شاذة ولم يعرفها غيرُه، وقد خطأ ثعلب قائلها.

وقوله: " فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، يسمع الله لكم فإن الله قال على لسان نبيه: " سمع الله لمن حَمِدَه ": قد تقدم للإمام أبى عبد الله كلام على هذا، ومعنى " سمع الله لكم ": أى يستجيب دعاكم، " وسمع الله لمن


(١) فى الأصل: فإن تلك، والمثبت من ت، وهو ما جاءت به الرواية.
(٢) من ت.
(٣) ساقطة من ت.
(٤) فى ت: إحداهما.
(٥) فى الأصل: معنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>