للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩١ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ الزُّهْرِىُّ: وَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ

ــ

عن الأسود، وسائر رواة هذا الحديث ممن هو أحفظ من أبى معاوية من أصحاب الأعمش وأصحاب الزهرى وهشام لم يذكروا عن يساره، وقالوا: قد روى ابن إسحاق عن الزهرى هذا الحديث، وفيه: فصلى عن يمين أبى بكر. وقال المهلب: إن صححنا الروايتين فقد يحتمل أن جلوسه أولاً كان عن يساره كما قال فى رواية أبى معاوية: لأنه أقرب إلى خروج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بيته من الجهة اليسرى من المسجد وأرفق به لمرضه.

ثم يحتمل أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أدار أبا بكر إلى يمينه كما فعل بابن (١) عباس، إما قبل إحرامه من أمامه أو بعده من خلفه، لا سيما ولم يذكر أبو معاوية غير جلوسه أول صلاته عن يساره، وابن شهاب قد بين فقال: " قد صلى يومئذٍ عن يمين أبى بكر "، فأخبر عن الصلاة كلها فى ظاهر قوله، فتجمع الروايتان على هذا ولا تطرح، إحداهما الأخرى قال: ومعنى قوله: " عندى يقتدى أبو بكر بصلاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر كان الإمام ": مراعاته أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى صلاته وما تيسر عليه لمرضه، ورغبة فى التخفيف عنه فى مقدار ركوعه وسجوده وقراءته، فإذا رآه أكمل قراءته ركع هو، وإذا رآه تهيأ للرفع أو السجود بادر إليه واتبعه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى فعله إذ كان إلى جنبه، ولا تخفى عليه أمور صلاته كل ذلك لئلا يشق عليه بتطويل القيام والركوع والسجود، وفيما قاله نظر لمتأمله، والله أعلم.

وقال بعضهم: كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد استخلف أبا بكر على الصلاة مدة مرضه وصلى بالناس صلوات كثيرة وقد قال أنس فى البخارى: " إن أبا بكر كان يصلى بهم فى وجع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى كان يوم الإثنين " (٢)، وذكر الحديث. وقالت عائشة: " فصلى أبو بكر تلك الأيام " فهذا يدل على أنها لم تكن صلاة واحدة، قيل: صلى اثنى عشر يومًا، إلا أن يجد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خفة فى بعضها ويطيق الصلاة قائمًا، فيخرج فيصلى على ما جاء فى [بعض] (٣) الروايات عن عائشة، وقد جاء فى حديث أنس فى الأم: أنه خرج عليهم آخر يوم [وأنه] (٤) لم يصل معهم، وقال: " أتموا صلاتكم، ثم أرخى الستر " فهذا حديث آخر وخروج ثان غير حديث عائشة وقصتها، فلا يبعد أن يكون فى إحداهما إمامًا وفى بعضها مأمومًا، ليجمع بين الأحاديث الواردة فى ذلك، وإلا فالصحيح والأشهر والأكثر أنه كان هو الإمام، وهذا صحيح لأنه جاء فى هذا الحديث: أن أول صلاة صلاها أبو بكر بالناس العشاء الآخرة، وقد وقع من رواية مالك فى غير الموطأ عن ربيعة أن أبا بكر كان الإمام، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بصلاته، وقال: " ما مات نبى حتى يؤمّه رجل من أمته " (٥).


(١) فى الأصل: ابن، وهو خطأ.
(٢) ك الأذان، ب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.
(٣) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش.
(٤) ساقطة من ق.
(٥) جاءت فى الأبى: ماهان نبى، وهو تصحيف، والحديث ذكره ابن عبد البر عن سحنون. التمهيد ٦/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>