للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظُّهْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلَّى بِالنَّاسِ. فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لَيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأ إِلَيْهِ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يَتَأَخَّرَ، وَقَالَ لَهُمَا: " أَجْلِسَانِى إِلَى جَنْبِهِ "، فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبٍ أَبِى بَكْرٍ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى وَهُوْ قَائِمٌ بِصَلَاةِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِى بَكْرٍ، وَالنَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ. قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هَاتِ. فَعَرَضْتُ حَدِيثَهَا عَلَيْهِ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَسَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِى كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: هُوَ عَلِىٌّ.

ــ

بين يدى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وغيره إذا أصابه عذر قدم غيره ولم يكن لتقدمه مع نقص صلاته وهو يجد العوض وجه، لكن إمامة عبد الرحمن بن عوف له تعارض هذا. وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبلال حين أراد تأخيره: " دعه " وصلاته خلفه ما أدرك، وقد يقال فى قصة عبد الرحمن: إنها مختصة عن هذا الأصل لبيان حكم القضاء بفعله - عليه السلام - لمن فاته من الصلاة شىء، وأن تقدم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا من باب الأولى لا من باب الواجب، [وفى حديث عبد الرحمن من باب الجائز] (١)، وفيه عظيم قدر أمر صلاة الجماعة وتأكيدها لتكلف النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخروج إليها بتلك الحال.

وقوله: " أجلسانى إلى جنبه " وإيمائه إلى أبى بكر ألا يتأخر استدل به من قال: إن أبى بكر كان الإمام، إذ لم يتقدمه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستدل من قال: إنه كان مأمومًا بما قاله مسلم عن الأسود (٢) عن عائشة " فصلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن يسار أبى بكر "، وهذا مقعد الإمام لا مقعد المأموم.

وحكى الداودى (٣) عن ابن المسيب أن مقام المأموم من يسار الإمام لهذا الحديث، واستدلوا أيضًا بقولها فى الحديث " ويقتدى أبو بكر بصلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقتدى الناس بصلاة أبى بكر " وبقولها: " فجلس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بالناس وأبو بكر يسمع الناس (٤) " ومثله من الألفاظ التى ذكرها مسلم وغيره ىن عائشة، وقد روى عنها خلافه، وذكر الآخرون أن ذكر صلاته عن يسار أبى بكر لم يقله غير أبى معاوية عن الأعمش عن إبراهيم


(١) سقط من ت.
(٢) ابن يزيد النخعى، مات سنة خمس وسبعين. رجال صحيح مسلم ١/ ٨٠.
(٣) يغلب على الظن أنه ابن المغلس، الإمام العلامة فقيه العراق أبو الحسن عبد الله، ابن المحدِّث أحمد بن محمد المغلَّس البغدادى الداودى الظاهرى.
وقد أخذ عنه أبو المفصِّل الشيبانى ونحوه، وعنه انتشر مذهب الظاهرية فى البلاد. مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. سير ١٥/ ٧٧، ٧٨.
(٤) فى ت: التكبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>