للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِى مثْلِ مَجْرَى هَؤُلاءِ إِذَا وَازَنْتَ بَيْنَ الأَقْرَانِ، كَابْنِ عَوْنٍ وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ، مَعَ عَوْفِ بْنِ أَبِى جَمِيلَةَ وَأَشْعَثَ الحُمْرَانِىِّ وَهُمَا صَاحِبَا الحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. كَمَا أَنَّ ابْنَ عَوْنٍ وَأَيُّوبَ صَاحِبَاهُمَا، إِلا أَنَّ البَوْنَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ هَذَيْنِ بَعِيدٌ فِى كَمَالِ الفَضْلِ وَصِحَّةِ النَّقْلِ، وَإِنْ كَانَ عَوْفٌ وَأَشْعَثُ غَيْرَ مَدْفُوعَيْنِ عَنْ صِدْقٍ وَأَمَانَةٍ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، وَلكِنَّ الحَالَ مَا وَصَفْنَا مِنَ المَنْزِلَةِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ.

وَإِنَّمَا مَثَّلْنَا هَؤُلاءِ فِى التَّسْمِيَةِ، لِيَكُونَ تَمْثِيلُهُمْ سِمَةً يَصْدُرُ عَنْ فَهْمِهَا مَنْ غَبِىَ عَلَيْه طَرِيقُ أَهْلِ العِلْمِ فِى تَرْتِيبِ أَهْلِهِ فِيهِ، فَلا يُقَصَّرُ بِالرَّجُلِ العَالِى القَدْرِ عَنْ دَرَجَتِهِ، وَلا يُرْفَعُ مُتَّضِعُ القَدْرِ فِى العِلْمِ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ. وَيُعْطَى كُلُّ ذِى حَقٍّ فِيهِ حَقَّهُ. وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ.

ــ

وقول مسلم فى هذا الفصل: " إلا أن البَوْنَ بينهما وبين هذين (١) بعيد ": أى الفرق، وأنهما لا يُقَارَنان بهما فى علمهما وفضلهما.

قال صاحب العيْن: البَون مسافة ما بين الشيئين، وهذا مثل قول مسلم فى الفصل نفسه: " وجدتَهم متباينين لا يُدانوهم ". وفى هذا الفصل من قول مسلم " وأضرابهم من (٢) حُمَّال الآثار ".

وجه العربِيَّةِ فيه وضربائهم، إذ لم يأت جمع فعيل على أفعال فى الصحيح إلا [فى] (٣) كلمات قليلة.

وقوله: " وازيتَ هؤلاء " ويروى: " وازنتَ " بالنون ومعناهما قارنتَ ومَثَّلتَ.

وقوله: " غبى عليه طريق العلم " أى خفى، قال ابن القوطية (٤): غبى خفى، وأيضاً قلت فطنته. قال ابن دريد: [فى] (٥) فلان غبوة وغباوة، أى غفلة وحماقة، وقال الخليل (٦): غبى فهو غبٌّ إذا لم يفطن.


(١) فى ت: هذا.
(٢) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.
(٣) ساقطة من الأصل: واستدركت من الهامش بسهم.
(٤) هو علامة الأدب، أبو بكر، محمدُ بن عمرَ بن عبد العزيز الأندلس، القرطبى النحوى، والقوطية هى سارة بنتُ المنذر بن جَسْطية، من بنات ملوك القوط بالأندلس، وقد كانت سارت إلى الشام متظلمةً من عمّها أرطياس، فتزوجها بالشام عيسى بن مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، ثم سافر معها إلى الأندلس، توفى سنة سبع وستين وثلاثمائة. تاريخ علماء الأندلس ٢/ ٧٦، جذوة المقتبس ٧٦، نفح الطيب ٣/ ٧٣.
(٥) ساقطة من الأصل، واستدركت من الهامش بسهم.
(٦) هو الإمام أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدى، صاحب العربية، ومنشئ علم العروض، أحد الأعلام. حدَّث عن أيوب السختيانى، وعاصم الأحول، والعوام بن حوشب، أخذ عنه سيبويه النحو والنضرُ بن شميل، والأصمعى، وآخرون، كان -رحمه الله- مفرط الذكاء، مات سنة بضع وستين ومائة. التاريخ الكبير ٣/ ١٩٩، الجرح والتعديل ٣/ ٣٨٠، تهذيب التهذيب ٣/ ١٦٣، بغية الوعاة ١/ ٥٥٧، سير ٧/ ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>