للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ، مَنِ الغَالِبُ عَلَى حَدِيثِهِ المُنْكَرُ أَوِ الغَلطُ، أَمْسَكْنَا أَيْضًا عَنْ حَدِيثِهِمْ.

وَعَلامَةُ المُنْكَرِ فِى حَدِيثِ المُحَدِّثِ، إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ للحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الحِفْظِ وَالرِّضَا، خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ أَوْ لَمْ تَكَدْ تُوَافِقُهَا. فَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ مِنْ حَدِيثِهِ كَذَلِكَ، كَانَ مَهْجُورَ الحَدِيثِ، غَيْرَ مَقْبُولِهِ وَلا مُسْتَعْمَلِهِ.

فَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ المُحَدِّثِينَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَرَّرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِى أُنَيْسَةَ، وَالجَرَّاحُ ابْنُ المِنْهَالِ أَبُو العَطُوفِ، وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدُ اللهِ بْن ضُمَيْرَةَ، وَعُمَرُ بْنِ صُهْبَانَ، وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ فِى رِوَايَةِ المُنْكَرِ مِنَ الحَدِيثِ، فَلسْنَا نُعَرِّجُ عَلَى حَدِيثِهِمْ. وَلا

ــ

سفيان بن العاصى عن الشاشى (١) عنه، وكذا سمعناه من جماعة شيوخنا فى كتاب مسلم بعد هذا بيسير فى حديث [عبد الله بن المبارك] (٢) وذكره له فى " الضعفاء " إلا فيما حدثنا به القاضى الشهيد أبو على [عن العبدى] (٣) فإنه قال فيه: محرّز كما رووه هنا.

وذكر [مسلم] (٤) رواية المنكر من الحديث ومن تقبل روايته (٥) ومن يطرح. اختلف الناس فى الراوى الثقة إذا انفرد بزيادة فى الحديث عن سائر رواة شيخه، فذهب مُعظم الفقهاء [والأصوليين] (٦) والمحدثين إلى قبول زيادته (٧) وذهب بعض أصحاب الحديث إلى ردّها، وهو مذهب معظم أصحاب أبى حنيفة (٨)، وكذلك (٩) جاء اختلافُهم متى أسنَدَ الحديث واحد وأرسله الباقون، وأكثر المحدثين على ردّ هذا الوجه، والصواب فى ذلك كله ما ذهب


(١) فى الأصل بالمهملتين.
(٢) و (٣) سقطتا من ت.
(٤) مطموسة فى الأصل.
(٥) فى ت: قلادته، وهو خطأ.
(٦) مطموسة فى الأصل.
(٧) وهو مذهب ابن حبان والحاكم. الإحسان ١/ ٨٦، صرفة علوم الحديث ١٣٠. وقد نقل ابن الصلاح عن يونس بن عبد الأعلى قال: قال لى الشافعى- رضى الله عنه-: ليس الشاذ من الحديث أن يروى الثقة ما لا يروى غيرُه، إنما الشاذ أن يروى الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس. قال: وحكى الحافظ أبو يعلى الخليلى القزوينى نحو هذا عن الشافعى وجماعة من أهل الحجاز ثم قال- يعنى الحافظ أبو يعلى-: الذى عليه حفاظ الحديث أن الشاذ: ما ليس له إلا إسنَادٌ واحد، يشذُّ بذلك شيخٌ ثقةً كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقةٍ فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقةٍ يتوقف فيه ولا يحتج به. المقدمة ١٧٣.
(٨) أما الإمام فإنه يقبلها كالشافعى بشرط سكوت الباقين البرهان ١/ ١٨٧.
يطلق كثير من المتقدمين كأحمد وأبى داود والنسائى النكارة على مجرد التفرد، يقول ابن الصلاح: " وإطلاق الحكم- المنكر- على التفرد بالرد، أو النكارة، أو الشذوذ، موجود فى كلام كثير من أهل الحديث " المقدمة: ١٨٠.
وقال السيوطى فى " بلوغ المأمول فى خدمة الرسول " صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وصفَ الذهبىُّ فى الميزان عدَّةَ أحاديث فى مسند الإمام أحمد، وسنن أبى داود، وغيرهما من الكتب المعتمدة، بأنها منكرة، بل وفى " الصحيحين " أيضاً، وما ذاك إلا لمعنى يعرفه الحفَّاظ، وهو أن النكارة ترجع إلى الفردية، ولا يلزم من الفردية ضعفُ متن الحديث، فضلاً عن بطلانه، الحاوى ٢/ ٢١٠.
وعلى ذلك فقول المتقدمين فى الحديث: " هذا حديث منكر " يغاير اصطلاح المتأخرين فى المنكر أنه الحديث الذى رواه ضعيف مخالفاً الثقة، وأن الأول لا يطرح حديثه حتى تكثر المناكيرُ فى روايته. انظر: فتح المغيث ١٦٢.
(٩) فى ت: وكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>